الدرس الثاني
الفصل
الثاني : مولده ونشأته ورضاعه صلى الله عليه وسلم
مولده ونشأته صلى الله عليه وسلم :
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم في مكة ، صبيحة يوم الاثنين ؛ التاسع ، ويقال : الثاني عشر ، من شهر ربيع
الأول عام الفيل ، والتاريخ الأول أصح والثاني أشهر ، وهو يوافق اليوم الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571م .
وكانت قابلته أي دايته : الشفاء بنت عمرو أم
عبد الرحْمن بن عوف رضي الله عنها ، ولَمَّا ولدته أمه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام . وأرسلت إلى
جده عبد المطلب تبشره بولادته صلى الله عليه وسلم فجاء عبد المطلب
مستبشراً مسروراً ، وحَمله ، فأدخله الكعبة وشكر الله ، ودعاه ، وسَمَّاه مُحمداً ، رجاء أن يُحمد ، وعق عنه ، وختنه يوم سابعه ، وأطعم
الناس كما كان العرب يفعلون .
وكانت حاضنته أمُّ أيْمن : بركة الحبشية ، مولاة والده عبد الله ، وقد بيت حتى أسلمت ، وهاجرت ، وتوفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بِخمسة أشهر ، أو
بستة أشهر .
رضاعه صلى الله عليه وسلم :
وأول من أرضعته صلى الله عليه وسلم بعد أمه ؛ ثويبة : مولاة عمه أبي لَهب بلبن ابن لَها ، يقال له مسروح, وكانت قد أرضعت
قبله صلى الله عليه وسلم حَمزة بن عبد المطلب ، وبعده صلى الله عليه وسلم أبا سلمة بن عبد
الأسد المخزومي ، فهم إخوته من الرضاعة .
وقد أعتق أبو لَهب أمته هذه فرحاً بولادة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه صار من ألدِّ أعدائه
حينما قام بالدعوة إلى الإسلام .
في بني سعد :
وكان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لِمواليدهم
في البوادي ، إبعاداً لَهم عن
أمراض
الحواضر حتى تشتد أعصابُهم ، وليتقنوا اللسان العربي في مهدهم .
وقدَّر الله أن جاءت نسوة من بني سعد بن بكر
بن هوازن يطلبن الرضعاء فعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليهنَّ كلهنَّ ، فأبينَ أن يرضعنه لأجل يتمه . ولَم تَجد إحدى النسوة - حليمة
بنت أبي ذؤيب - رضيعاً فأخذته صلى الله عليه وسلم وحظيت به حظوة اغتبط
لَها الآخرون .
وقد درَّت البركات على أهل هذا البيت مدة
وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم . ومِمَّا يروى من هذه البركات : أنَّ حليمة لَمَّا جاءت إلى مكة كانت الأيام
أيام جدب وقحط ، وكانت معها أتان كانت أبطأ دابة في الركب مشياً لأجل الضعف
والهزال ، وكانت معها ناقة لا تدر بقطرة من لبن ، وكان لَها ولد صغير يبكي ويصرخ طول
الليل لأجل الجوع ، لا ينام ، ولا يترك أبويه ينامان .
فلما جاءت حليمة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحلها ، وضعته في حجرها أقبل عليه ثدياها بِما شاء
من لبن ، فشرب حتى روي ، وشرب معه ابنها الصغير حتى روي ، ثُمَّ ناما .
وقام زوجها إلى الناقة فوجد ضرعها حافلاً
باللبن ، فحلب منها ما انتهيا بشربه ريّاً
وشبعاً ، ثُمَّ باتا بِخير ليلة .
ولَمَّا خرجا راجعين إلى بادية بني سعد ، ركبت
حليمة تلك الأتان ، وحَملت معها النبي صلى الله عليه وسلم فأسرعت الأتان حتى قطعت بالركب ، ولَم يستطع لُحوقها شيء من الْحُمُر .
ولَمَّا قدما في ديارهِما : ديار بني سعد -
وكانت
أجدب أرض الله - كانت غنمهما تروح عليهما شباعاً مُمتلئة الخواصر بالعلف ، ومُمتلئة
الضروع باللبن ، فكانا يَحلبان
ويشربان ، وما يَحلب إنسان قطرة لبن .
فلم يزالا يعرفان من الله الزيادة والخير حتى
اكتملت مدة الرضاعة ومضت سنتان ففطمته
حليمة ، وقد اشتد وقوي في هذه الفترة .
وبعد ما حصل في قصة شق صدره صلى الله عليه وسلم رجع إلى مكة فبقي عند أمه نَحو سنتين ، ثُمَّ سافرت معه أمه إلى المدينة ، حيث قبر
والده وأخوال جده بنو عدي بن النجار ، وكان معها قيمها عبد المطلب ، وخادمتها أم
أيْمن ، فمكثت شهراً ثُمَّ رجعت ، وبينما هي في الطريق لَحقها المرض ، واشتد حتى
توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة ، ودفنت هناك .













0 التعليقات: