مكتبة أبي حمود العلمية
أخبار المكتبة
Loading...

كشف الجريمة في تجني أحمد كريمة . . .

0 التعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

    والناظر لحال الموحدين اليوم؛ يجد أنَّ غربتهم بدأت تظهر، وصاروا غرباء مستنكرين بين الأمم من حولهم. فأهل التوحيد القائمون على سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم صاروا هدفاً لكل حاقد مجرم بغيض. فأعداءهم إمَّا يهودٌ مغضوبٌ عليهم، أو نصارى ضالُّون، أو ملحدون فُجَّار، أو روافض كُفَّار. وخصومهم إمَّا أشعريّةٌ مؤَوِّلة، أو صوفيَّةٌ قبوريَّةٌ مشركة، أو خوارج مُكَفِّرةٌ قتلة.

    وكل أولئك إنَّما هم يعادون الحق متمثِّلاً فيمن اتبعه وعمل به؛ وهم أهل السنة والجماعة. أيّاً كان الاسم الذي يطلقه عليهم هؤلاء؛ فمن قائل: (هؤلاء مسلمون)، ومن قائل: (هؤلاء وهابية)، وآخر: (هؤلاء سلفية جهادية)، وآخر: (هؤلاء مُتَسَلِّفَة)، وكلُّ هذه الأسماء هي ألقابٌ أطلقها أهل الباطل لينفروا الخلق عن دعوة الحق.

    وكان ممن ظهر من هؤلاء الفجرة مؤخراً على أهل السنة؛ المدعو (أحمد كريمة)، الأزهريُّ الأشعريُّ الصوفيُّ القبوري، الذي جاء بالبواقر والفواقر والبوائق والغوائل في دين الله تبارك وتعالى. حتى بات بوقاً جديداً لأصحاب البيت الإبراهيمي في مصر حرسها الله، حين أطلق حملة إدخال الجنة بالمجان لجميع الخلق، والذي ادعى أنَّ الجنة ليست ملكاً لأحدٍ إلَّا له كما يُفهَمُ من إدخاله لكلِّ الخلق يهوديِّهم ونصرانيِّهم ورافضيهم؛ وأكَّدَ أنَّ اليهود والنصارى والرافضة ليسوا بكُفَّارٍ، هكذا وبدون دليلٍ، لا لشيءٍ إلَّا مجرَّدِ اتباع الظنِّ والهوى المتجرِّدِ عن الأدلة. كيف والله تبارك وتعالى يقول: وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٥٠(٤)، ويقول تبارك وتعالى: لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِيحُ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ ٧٢ لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ وَإِن لَّمۡ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣(٥). ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمَّا أمر بلالاً أن ينادي في الناس: [أنَّه لن يدخلَ الجنة إلَّا نفسٌ مسلمة](٦). فحسبنا الله ونعم الوكيل، أمَا يستحي إذا لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة مخالفاً قوله؛ مكذباً خبره. نعوذ بالله من الخذلان.

    وقال بكفر السلفيين؛ ويريد عموم السلفيين، لا فرق عنده بين من ينتمون للسلفية وهم إخوانٌ في حقيقتهم، أو من كانوا على عقيدة أهل السنة والجماعة منهجاً وعملاً. كما شبه الذين قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام بأنَّهم جاؤوا بما شابهوا به النصارى في أقانيمهم الثلاثة؛ يريد بهذا عقيدة الثالوث عند النصارى. والغريب في الأمر والذي يؤكد جهله وتناقضه هو أنَّه قد حكم للنصارى بالجنة بالرغم من أنَّهم أهل ثالوث، في حين أنَّه شبه السلفيين الموحدين بالنصارى في الثالوث وحكم بكفرهم. وهذه والله مفارقة عجيبة تدل على جهل هذا الرجل جهلاً مركباً.

    تكفيرٌ للركع السجود، وشهادة بالجنة لليهود والنصارى. فلماذا لا زلت شيخاً بالأزهر تُدَرِّسُ الهرطقات والتكفير -مع تنزيه الأزهر أن يدرس التكفير- وأنت بوسعك أن تدخل الجنة وأنت معلقاً للصليب منادياً: (باسم الأب والابن وروح القدس إلهاً واحداً)؛ نسأل الله السلامة والعافية. وأنَّه لا يوجد نصرانيٌّ كافرٌ ولا يهوديٌّ كافر، أمَّا السلفيون فهم كفارٌ بل وخطرٌ على الإسلام. هكذا بلا ضوابط وبلا أدلة وبلا لجامٍ يشكم هذا الجاهل.

    ومن علامات خذلانه استشهاده بشيء من الإنجيل المحرف ينسبه للمسيح عليه الصلاة والسلام. والنبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه حين رأى في يده صحيفة إسرائيلية: [أمُتَهَوِّكونَ فيما جئتكم به يا ابن الخطاب؟، ألم آتكم بها بيضاء نقية، والله لا يسمع بي يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ من هذه الأمة ثم يموت ولم يؤمن بي إلَّا كان من أصحاب النار، ولو أنَّ أخي موسى حيّاً ما وسعه إلَّا أن يتبعني](٧). ويتأول لهم معنى الأبوة التي يزعمونها بينهم وبين الله - عياذاً بالله - أنَّها أبوة مجازية. تأويلٌ حتى النصارى أنفسهم لا يقولون به. فتأويلك هذا للأبوة التي يدعونها بينهم وبين الله تعالى؛ هو إقرارٌ منك لهم على هذا اللفظ، فيا ربِّ سلِّم سلم. ونعوذ بك ربنا من أن تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ونعوذ بك ربنا من أن نغترَّ بأنفسنا؛ أو أن نُعجبَ برأينا.

   بل والأخطر من هذا وذاك؛ أنَّه لا غضاضة لديه في مدنية الدولة أن يتولى مرشحٌ نصرانيٌّ رئاسة الدولة. إذن؛ فلماذا قامت الفتوحات الإسلامية في مصر والشام وفلسطين والعراق والمغرب والأندلس؟!؛ والمسلمون باستطاعتهم أن يحكمهم غير المسلمين في أي مكان، إلَّا لِأَنْ تكونَ كلمة الله هي العليا، وتكونَ كلمة الذين كفروا هي السفلى.

    ويخرج هذا الفاجر على قناة العالم المجوسية ليتبجح بكل تخلٍّ عن الورع والخوف من الله ليقول بأنَّ الخلافة تم انتزاعها من عليٍ رضي الله عنه؛ لأمرٍ دُيرَ بليل. وتجده يترضى عن عمر وهو يطعن فيه، وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لما طلب كتاباً ليملي عليهم؛ رفض عمر ذلك وقال يكفينا كتاب الله، لأمورٍ معينة، كما يزعم كريمة.

    كما أنَّه كان قد أحيل للتحقيق بسبب إنكاره لبعض الآيات في القرآن الكريم؛ والتي بين الله فيها كفر النصارى. كما أنَّه افترى على الأئمة العلماء الأعلام من أهل السنة والجماعة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، بل وسبه للإمام ابن باز رحمه الله مُوَثَّقٌ بالصوت والصورة.

    ونعوذ بالله من الضلال في القول والعمل مع كبر سنٍّ يدني العبد من آخرته؛ فمثل هذا تخاف عليه من خاتمة السوء والخذلان. عندما يخرج في إحدى القنوات التلفزيونية وهو يفتري على أهل السنة والجماعة بأنَّهم يقولون أنَّ لله ذيلاً عياذاً بالله. وتعالى الله عمَّا نسبه أحمد كريمة لأهل السنة والجماعة افتراءاً عليهم.

    وأنا أتحدى هذا المفتري؛ أن يأتي ولو بكلمة لأحد أئمة السلف أو علمائهم من المتقدمين أو المتأخرين قال بهذا القول.

الدَّعَاوَى إِنْ لَمْ تُقِيمُواْ عليْـ      ـهَا بَيِّنَاتٍ أَصْحَابُهَا أَدْعِيَاءُ(٨)

    فهو لا يزال دعِيّاً حتى يقيم الحجة على فريته هذه.

    ويتجارى به الهوى كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، فيسأل عن الفوائد (الربا)؛ هل يجوز إخراج الزكاة منه؟. فيجيب بأنَّ عوائد البنوك (حلالٌ حلالٌ حلالٌ). هكذا جزافاً دون تأصيل ولا تقعيد للمسألة، أي أنَّها (عنزةٌ وإن طارت). ثُمَّ أقحم السلفيين في الرد على السائل وقال أنَّهم لا دراسةَ فقهية عندهم.

    أمَّا إباحته للربا فهذا شأنه مع ربه، لكن ما دخل السلفيين في السؤال والإجابة على السائل؟!. متجاوزاً قول الله تبارك وتعالى: وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ(٩). ملتفاً حوله ليسميه كتسمية الفجَّار (فوائد) تسمية للشيء بغير اسمه، ومن ثمَّ مشابهته لقول بني إسرائيل عن الربا أنَّه حلالٌ وأنَّ البيع مثله مثل الربا: ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ(١٠). فقال إنَّما هي مضاربة، ليحتال على المسلمين بهذه الحيلة نسأل الله السلامة والعافية. وقد قال سفيان بن عيينة رحمه الله: [من فَسَدَ من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود، ومن فسد من عُبَّادِنا ففيه شبهٌ من النصارى](١١). وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّباً](١٢). فمن لي بأحمد كريمة يعلمه بهذا الحديث، ومن لي به يعلمه أنَّ الربا غير طيب بل ومحرَّم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [وإنَّه سيخرج من أمتي أقوامٌ تجارى بِهِم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، لا يبقى منه عرقٌ ولا مفصلٌ إلَّا دخله](١٣).

    إنَّ السلفيين الذين يتهمهم أحمد كريمة بعدم الدراسة الفقهية عندهم؛ على اختلاف مشاربهم ومدارسهم؛ لا يكاد يحاذي أصغر تلاميذهم في الفقه، سواءٌ من درس الفقه منهم كمذهب، أو من درس الفقه مقارناً، ناهيك عن أصوليِّيهم وكبار فقهائهم، وأذكر على سبيل المثال الإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين، والعلامة صالح اللحيدان، والعلامة صالح الأطرم، والعلامة محمد الأمين الشنقيطي، والعلامة عبد الرحمن السعدي، رحمهم الله جميعاً. ومن الأحياء منهم أذكر فضيلة شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله، وشيخنا سعد الشثري وفقه الله، والشيخ سعد الخثلان، وهيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، والبحوث الفقهية التي تصدر دائماً عنهم في النوازل والمستجدات الفقهية، والقائمة تطول ممن تزخر بهم بلاد الحرمين -حرسها الله- في كل فنٍّ من فنون العلم الشرعي.

    ولو نظر خصمهم بعين الإنصاف إلى مدارسهم وبحوثهم الفقهية لوجد أنهم على قسمين، قسمٌ يأخذ الفقه تمذهباً بالأدلة لا تقليداً، وقسم يأخذ الفقه مقارناً دراسة أكاديمية متخصصة متعمقة. والمتابع لمجالسهم العلمية خاصة في إذاعة القرآن الكريم يجد هذا جلياً للعيان. لكنه الهوى الذي يعمي ويُصم أمثال أحمد كريمة ومن على شاكلته عن الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار.

    ناهيك عن التخصصات العلمية في الجامعات وفي كليات الشريعة خاصة، كالجامعة الإسلامية وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك عبد العزيز بجدة وجامعة أم القرى وجامعة طيبة وجامعة الملك سعود، بالإضافة إلى معاهد الحرمين في مكة والمدينة. ناهيك عن المجالس العلمية في الحرمين الشريفين التي يؤمها المسلمون عامة وطلبة العلم خاصة من شتى أقطار المسلمين. أفلم يكن لأحمد كريمة عيانا منصفٍ ليتكلم بما يرى حين يحج أو يعتمر أو يزور.

    لكنه الحقد والغل على المسلمين وإطلاق لسانه في أعراضهم دون وازع ولا رادع، ظنّاً منه أنَّه نال منهم ومن مكانتهم، بينما يريد الله ليستدرجه من لسانه ليبيِّنَ للناس مدى هشاشة عقله وضحالة فكره، عقوبة من الله له على ولوغه في أعراض العلماء؛ وخاصة علماء السعودية، كسماحة الإمام ابن باز وسماحة الإمام ابن عثيمين أو غيرهم كالإمام الألباني، أو كالإمام الوادعي رحمهم الله جميعاً.

    ألا وليعلم أحمد كريمة هداه الله للحق ووفقه للتحلل ممن استباح أعراضهم وتقوَّلَ عليهم دون وجه حق؛ أنَّ المال والبترول والغاز وكل ثروة في الأرض لا تصنع عالماً، ولا تنشر فكراً مصلحاً أبداً، إنما هو توفيق من عند الله، ونورٌ يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [من يرد الله به خيراً يفقه في الدين](١٤). وأنَّ التعيير بثقافة البدو التي تحاول بها يائساً بائساً تعيير من ناظره ورد عليه؛ تقصُّداً لإحراجه؛ إنَّما هو فعل المفلسين في الحجة. فلا الجلبة ولا رفع الصوت يسكتُ حقاً؛ أو ينصر باطلاً. وأنَّ من ادعى التزامه الحجة النقلية؛ ثم يعمد إلى تركها واللجوء إلى الحجة العقلية منصباً لها حاكمة ومهيمنة على الحجة النقلية، فذاك الغبي وذاك المفلس وذاك هو صاحب الهوى. فما بالنا بمن لا يفقه الحجة النقلية، وهو مفلسٌ في الحجة العقلية، وخير شاهدٍ على هذا؛ مناظرة أحمد كريمة لذلك الزنديق الفاجر ياسر الخبيث.

    أحمد كريمة يريد أن يختبر السلفيين في القرآن الكريم، ويختص من القرآن في الاختبار (جزء عم)، وهو هو أحمد كريمة لا يتقن قراءة كتاب الله تبارك وتعالى كما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما تناقلته الأمة كابراً عن كابر بقراءاته السبع أو العشر، وكل ذلك موثَّقٌ بالصوت والصورة نسأل الله السلامة والعافية. ونقول له: أربع على ظلعك يا كريمة؛ فدون الاختبار المزعوم؛ أئمة الحرمين، دونك فاختبرهم.

    إنَّ أمثال هذا الجاهل من أبرز سماتهم أنَّهم معزومون دائماً على موائد القنوات المشبوهة التي تسعى لضرب ثوابت الإسلام وتحريف المسلمين عن حقيقة الدين، وإعطاء الذلة لغيرهم من أعداء الدين. وذلك في مقابل حفناتٍ من المال. أي أنَّهم أصحاب مهرةٍ يتكسبون منها. ولا يهمهم أكانوا يؤيدون باطلاً أم يعادون حقاً. بضاعتهم الكذب والتدليس، وتجارتهم تغريب المسلمين عن دينهم، بلسانِ منافق؛ وقلبِ حقودٍ. إذا كان في قنوات الصوفية كان صوفياً، وإذا كان في قنوات الروافض نطق بلسانهم، وإذا كان في قنوات النصارى نطق بلسانهم. فمثل هذا لا غرو أن تجده مُتَهَوِّكٌ في ذاته، منحرفٌ في مقاله، طعانٌ في أعراض الصحابة، سابٌ للعلماء الأفاضل، ممن لا يساوي مغرز شراكٍ في نعل أحدهم. كيف لا؛ وهو يهاجم أئمة الدنيا في زمانهم، وبعد وفاتهم. كالإمام الألباني، والإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين، والإمام الوادعي، رحمهم الله رحمة الأبرار، وأعلا منازلهم في الجنة.

    وأخيراً؛ فأسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا إنَّه رؤوف رحيم. وأن يطهر قلوبنا وألسننا من الكذب والغل والحقد على مسلم بدون حق. ونعوذ بالله من الضلال من بعد الهدى، ومن العمى بعد النور، ومن الحور بعد الكور، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن الجهل بعد العلم، ومن المنكر بعد المعروف. اللهم يا مصرف القلوب والأبصار اصرف قلوبنا إلى طاعتك. اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

    وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين.

كتبه فقير عفو ربه القدير

أبو حمود هادي محجب

ليلة الاثنين غرة ربيع الثاني لعام خمسة وأربعين وأربعمائة وألف للهجرة النبوية

على صاحبها أفضل الصلاة والسلام


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [الأحزاب: ٧٠-٧١].

(٤) [الأعراف:٥٠].

(٥) [المائدة:٧٢-٧٣].

(٦) أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة خيبر برقم (٤٢٠٣). ومسلم في الإيمان باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه برقم (١١١).

(٧) الحديث حسنٌ بمجموع طرقه. وانظر إلى تخريجه في إرواء الغليل (٣٤/٦) برقم (١٥٨٩).

(٨) لم أقف على نسبة البيت.

(٩) [البقرة:٢٧٥].

(١٠) الآية السابقة.

(١١) انظر تفسير ابن كثير [التوبة:٣٦].

(١٢) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن باب ومن سورة البقرة برقم (٢٩٨٩)، وقال حديثٌ حسنٌ غريب.

(١٣) أخرجه أبو داود في السنة باب شرح السنة، برقم (٤٥٩٧).

(١٤) أخرجه البخاري في العلم باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين، برقم (٧١). ومسلم في الزكاة باب النهي عن المسألة، برقم

         (١٠٣٧).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




تابع القراءه »

الرجل الأبيض المتسول . . .

0 التعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

    إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

   يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدقَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.

    لا شكَّ أنَّ كثيراً من المسلمين يلاحظون سنوياً ازدياد الهجمات الأوروبية الصليبية على الإسلام ديناً وكتاباً ونبياً صلى الله عليه وسلم، باسم الحريات وحق التعبير.

    وهؤلاء المجتمعات المدعية للحضارة والمدنية والرقي، وأنَّهم هم العالم الأول؛ إذا نظرت في حقيقتهم أرضاً وإنساناً وتاريخاً تجد أنَّهم شعوبٌ متسولة ومتطفلة على شعوب مستضعفة في شتى أصقاع الأرض.

    ينهبون ثرواتهم، ويرهبونهم ويقمعون من نادى منهم بالتحرر من قبضتهم ومحاربتهم وطردهم من أرضهم.

    إنَّها أوروبا أرض (الرجل الأبيض المتسول)، بلاد أبناء البغاء عياذاً بالله، وبلاد اللقطاء من أصقاع الأرض - فرنسا مثال حي على هذا-.

    ولماذا فرنسا تحديداً؟، لأنها بلاد الحريات كما يزعم حكامها أبناء الفاجرات. الذين يديرون فيها ممارسة حرية شتم رسولنا صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء هم نتاج اليمين المتطرف الذين باتوا يتجرعون مرارة الغربة والنقص والدونية على أرضهم. تماماً كما كان أجدادهم الأوائل المنبوذون في أرض الغال، وهو الاسم القديم لفرنسا وكانت أرضاً مهملة في الغرب الأوروبي احتلتها قبائل بربرية مهاجرة من الشرق الأوروبي وتحديداً من أراضي اليونان. فاستقروا هناك وعاشوا على السلب والنهب حيث لم يكن بتلك الأرض أي موارد تذكر إلى يومنا هذا. وإنَّما موارد هذه الدولة حديثاً تعتمد على ما تقوم بسرقته من أراضي الشعوب الأفريقية المستضعفة.
    دولة حقيرة وشعب أحقر. حضارتهم المزعومة قامت على أقوات الدول الأفريقية المغلوبة على أمرها. دولة بنت حضارتها الكاذبة على أرزاق الشعوب المستضعفة، التي لا بد أن يأتي عليها يومٌ وتطرد هؤلاء المتسولين والطفيليين من أراضيهم.

    إنَّ فرنسا؛ هذه الدولة ذات الثراء والسلطة؛ التي لم يكن لها لتقوم دولة أو شعباً لو لم يكن حكامها وجيشها إرهابيون دمويون يحتلون أراضي الشعوب الأفريقية وينهبون ثرواتها ومناجمها ومزارعها وحتى هواءها. دولة أوروبية ليس بها من المناجم شيء ومع ذلك تمتلك أكبر احتياطي من الذهب والفضة والألماس واليورانيوم والكاكاو، بقوة الحاميات الإرهابية من الجيش الفرنسي والمسماة بقوات حفظ السلام زوراً وبهتاناً. مما يجعل الباحث يدير كَفَيِّ التعجب من هذا. وعندما يدير صفحات التاريخ ويقلبه يجد أنَّ هذه الدولة هي مجموعة لصوص وعصابات سلب ونهب في هيئة دولة متحضرة، شأنها شأن جميع دول أوروبا.

    وليست بريطانيا ببعيدة عن الأذهان بما سطرته من إجرام في الدول التي هيمنت عليها ردحاً من الزمان، فمنهم من رفضوا دنس الإحتلال حتى طردوهم من أرضهم. ومنهم دول خانعة لا تزال تدار بأمر التاج البريطاني وهي ما تعرف بدول (الكومنويلث).

    وليس ببعيد عن الأذهان دولة السويد ومن قبلها الدنمارك؛ التي لا حضارة ولا تاريخ يذكر، سوى أنَّهم أبناء قبائل بربرية وثنية كافرة يدعون (الفايكينق)، والذين كانوا يغيرون على الشعوب يعيثون فيها فسادا وقتلا ونهباً وسرقة. وكانوا يجوبون البحار؛ كقراصنة همجيين إرهابيين.

    حتى أخزاهم الله على أيدي المسلمين في المشرق العربي في بلاد العراق والشام. وأخزاهم على أيدي المسلمين في بلاد الأندلس. فعادوا إلى بلادهم التي جاؤوا منها منكسرين يجرُّون أذيال الخزي والهزيمة والعار.

    هذه الدول التي تستورد المرضى من رسامي الجرائد والمجلات، والشواذ المنبوذين من بلدانهم؛ وتشجعهم على إحراق القرآن الكريم وسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وسبِّ الإسلام والمسلمين؛ باسم حريات التعبير عن الرأي، وباسم الديموقراطية الكفرية، وباسم حقوق الإنسان المكذوبة.

    وكانت هذه الشعوب الأوروبية يعادي بعضها بعضاً ويغير بعضها على بعض، وينهب القوي فيها الضعيف، ولا يكاد يوجد بها من حضارة تذكر سوى حضارة بلاد الأندلس التي كانت مثالاً للحضارة الإسلامية الإنسانية في ذلك الوقت، والتي كانت حلماً لكل أوروبي متخلف أن يعش بها.

    استمرت أوروبا في ظلامها الدامس الجاهل لأبسط معاني التحضر والرقي، وحروبها الطاحنة فيما بينها. ونور الإسلام والعلم في الأندلس يشع من مساجدها وجوامعها، مقدماً للبشرية أروع الأمثلة لمعنى أن يكون الإنسان في أجلِّ صورة للحضارة منذ خلقت البشرية.

    حتى نادت كنيسة الفاتكان بتوحيد عصابات السلب والنهب في أوروبا والتي يزعمون أنها ممالك، تحت راية الصليب الكفرية ودعوتها للحروب الصليبية المكذوبة على المسيح، وهذا ما ابتدعته الكنيسة الفاجرة في الفاتكان نحو عدو واحد يحمل رهبانها وقساوستها الحقد والحسد عليه لتسيير حملات صليبية على المسلمين في الأندلس والمشرق المسلم. فكانت هذه الحملات نواة وشرارة قذفت في أذهان قادة أوروبا بعد ذلك لتسيير حملات الإحتلال على دول الشرق المسلم وعلى دول وشعوب أفريقيا المستضعفة ونهب كل مقدراتها وخيراتها وأرزاقها وكل ما يقع في أيديهم من تراث ومخطوطات وآثار.

    وكانت أولى هذه الحملات الصليبية القذرة على الشرق المسلم فرنسية بامتياز، لأنَّ هذا الشعب من أقذر ما عرفت البشرية. قومٌ الواحد منهم لا يكاد يعرف أباه. فعاثوا في المسلمين قتلاً ونهباً وانتهاكاً للأعراض واستباحة للحرمات. فاحتلوا بلاد الشام كافة. فقيض الله للمسلمين دولة بني أيوب في مصر حرسها الله فقاتلوهم وهزم الصليبيون في الحملة السابعة شرَّ هزيمة، وأسر ملكهم، وفدا نفسه بالمال.

    ولمَّا عاد إلى بلاده جهز لحملة صليبية أخرى وهذه المرة على الشمال الأفريقي المسلم، وتحديداً على تونس، ولكنها باءت بالفشل.

    ولمَّا هيأ الله لبزوغ هلال الدولة العثمانية ردَّ الله كيد الأوروبيين في نحورهم وشغلهم بقيام هذه الدولة الفتية عن الإغارة على بلاد المسلمين. فانقطع دابر حملاتهم الصليبية بانتصار المسلمين عليهم.

    فعاد الأوروبيون لسابق عهدهم تغير كلُّ دولة على جارتها، من تلكم الحروب حرب المائة عام بين فرنسا وإنجلترا، انتهت بانتصار فرنسا ورزوحها تحت الفقر المدقع لقرون من الزمان. وبسبب ذلك دخلت فرنسا في فترة مظلمة من القلاقل والفتن والنهب والسلب، ومن ثم نشبت بينها وبين ألمانيا مناوشات بعد انضواء أسبانيا تحت عرش الملك الألماني شارلكان، والذي أراد في ذلك الوقت ضم فرنسا لأراضي ألمانيا، فلجأت فرنسا إلى المسلمين محتمية بهم وبدولتهم الفتية؛ الدولة العثمانية، وكان الخليفة آنذاك سليمان القانوني، الذي أرسل رسالة إلى ملك ألمانيا شارلكان؛ مفادها تحرير ملك فرنسا فرانسوا الأول، والتهديد باحتلال ألمانيا إن لم يفعل ذلك.

    نسي كلاب فرنسا هذا المعروف الذي صنعه لهم المسلمون، بعد عجز الدولة العثمانية وانهيارها، فبدأت فترة الانتداب الفرنسي والبريطاني على بلاد الشرق المسلم وبلاد أفريقيا عموماً. فقاموا بتقاسم أراضي هذه الدولة في أوروبا وفي بلاد العرب وفي بلدان أفريقيا. وبدأت قصة الانتداب المظلم الجائر. وكشرت أوروبا عن أنياب الغدر والخديعة والمكر. وجثموا على صدور الدول العربية والأفريقية ردحاً من الزمان.

    فأخذت فرنسا بلاد الشام وقسمتها واستضعفتها، وأخذت بريطانيا بلاد بادية الشام وفلسطين وبلاد العراق ومصر. ولم يخرجوا منها إلا وقد زرعوا ذلك السرطان الخبيث المسمى بدولة إسرائيل في أرض الأنبياء ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثالث الحرمين أرض فلسطين طهرها الله من دنس اليهود.

    فعن أي حضارة تتكلم أوروبا، وعن أي حقوق للإنسان تدافع أوروبا. إن الفاجرة حينما تضم إلى فجورها وبجاحتها قوى شر شيطانية؛ لابد لها أن تلجأ إلى تجميل صورتها أمام البشرية بأسطول إعلام يجتاح العالم من إذاعات وقنوات تلفزيون وأقمار فضائية ناقلة، مروراً بما يسمى اليوم بوسائل التواصل الاجتماعي.

    وأقبح من الأم القبيحة والعجوز المريضة؛ ابنة لها لا أب لها يعرف، قامت هي أيضا على أنقاض شعوب أبادتها وادعت حقها في الأرض والتاريخ على الشاطئ الغربي لبحر الظلمات. ألا وهي بلاد الشواذ وبلاد العربدة والدعارة والفجور، بلاد أمريكا لا باركها الله ولا رفع لها راية، وأذاقها الله لباس الذل والهوان.

    هي مسخٌ مستنسخ من العقلية الأوروبية المتخلفة، التي تقيم حضاراتها المزعومة على خيرات الأمم التي تحتلها. العراق نموذجٌ حيٌّ شاهدٌ على هذه القذارة المتجذرة في العرق الأوروبي المجرم. ومن قبلها بلاد فيتنام، وبلاد الصومال، وكثيرٌ من بلدان العالم.

    ونبشر هؤلاء المجرمين؛ بأنَّ جبروتهم إلى زوال بإذن الله، وإرهابهم الذي يمارسونه على الشعوب باسم الحريات وحقوق الإنسان. لأنَّ من سنن الله الكونية أن يضرب الظالمين بالظالمين، ويذيق بعضهم بأس بعض. وأنَّ كذبهم وزيفهم قد بات العالم بأسره يعرفه.

    ولعلَّ الله أن يسلِّطَ عليهم من الأمم من يزيح جاثومهم عن المسلمين خاصة؛ والعالم كافة. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه فقير عفو ربه القدير

أبو حمود هادي محجب

١٠ / صفر / ١٤٤٥هـ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [الأحزاب:٧٠-٧١].


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




تابع القراءه »

قال الإمام أبو جديد أصلح الله شأنه . . .

0 التعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليماً كثيراً.
    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:
    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النَّار.
    وإنَّ الله تبارك وتعالى قد رفع بهذا العلم أقواماً، وحَطَّ به من أدعيائه آخرين. وقد قال تبارك وتعالى: يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ(٤). وممن رفعهم الله بهذا العلم الشرعي أئمةٌ أعلام، نجومٌ في دياجير الظلام؛ الذي إذا التفَّ حول العقول أسقمها، أو تَلَبَّسَ بالأفهام أتلفها، أو ران على القلوب أمرَضَها. فنعوذ بالله من جهد البلاء، ومن دَرَكِ الشقاء، ومن علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن دعوة لا يستجاب لها.
    وهذا ردٌ على الإمام أبي جديد أصلح الله شأنه- فيما تفوه به من هرطقات قبل أيام في إحدى القنوات.
    ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم.

    قال الإمام أبو جديد أصلح الله شأنه لأبي حمود هادي محجب:     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
               pdf
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
               mp4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
               mp3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






تابع القراءه »

شرح كتاب الصيام من متن عمدة الفقه للإمام موفق الدين ابن قدامة

0 التعليقات

 بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله؛ والصلاة والسلام على رسول الله؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فهذه سلسلة شروح لكتاب الصيام من متن عمدة الفقه.





مجموع الشروح


الدرس الأول               الدرس الثاني


الدرس الثالث              الدرس الرابع


                    الدرس الخامس           الدرس السادس                    


                        الدرس السابع              الدرس الثامن                          


الدرس التاسع                                      



تابع القراءه »

القواعد الفقهية الكلية - قاعدة ( المشقة تجلب التيسير ) . . .

0 التعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبد ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليماً كثيراً.

    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءًۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبًا ١(٢)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلًا سَدِيدًا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدَقَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار .

    لمَّا كان الدين مبنيّاً على التيسير والتسهيل؛ والرأفة بالعباد في عباداتهم، أنزل الله ذلك في كتابه مجملاً فقال جلَّ من قائل: مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ(٤)، وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ(٥)، وفصَّلَ ذلك في صحيح سنة نبيه صلى الله عليه وسلَّم. ولا بدَّ وأنَّ أكثرَ طلاب العلم يعرفون القاعدة الفقهية الشهيرة؛ قاعدة:

( المشقة تجلب التيسير )

    هذه القاعدة من أشهر قواعد الفقه عند أهل السنة والجماعة في مذاهبهم الأربعة. وبرغم أنَّ لها قواعد فرعية تندرج تحتها، إلَّا أنَّه قليلٌ من طلاب العلم المبتدئين من يعلم أنَّ التيسير له صورٌ بحسب أنواعه، وأنَّ لهذا التيسير الطارئ أنواعٌ من المشاقُّ تجلبه، وليس مجرَّدُ المشقة والتيسير فقط.

    فدعونا أولاً نستعرض تعريف القواعد لغة واصطلاحاً. ثم تعريف القواعد الفقهية باعتبار هذين اللفظين علماً على علم قواعد الفقه.

    فالقاعدة جمع قاعدة، وهي في اللغة معناها أصل الأس. ومنها قول الله تبارك وتعالى: وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ١٢٧(٦). واصطلاحاً: هي قضيةٌ كليةٌ منطبقة على جزئياتها. وما شذَّ منها فلا حكم له معتبر. والفقهية نسبة إلى الفقه.

    وأمَّا تعريف مفردي (القواعد) و (الفقهية) باعتباره علماً لعلم قواعد الفقه فهو حكمٌ شرعي في قضية أغلبية يتعرف منها أحكامُ ما اندرج تحتها.

    والملاحظ على أكثر الفقهاء اعتبارهم القاعدة قضية أغلبية. والذي يرجح هو كونها أمراً كلياً. والذي يظهر أنَّ سبب تعبيرهم عنها بالقضية لكونها أخذت من القضاء الذي هو الحكم والفصل، وثانياً هو كون حكمها ينطبق على جميع أفرادها المندرجة تحتها.

    هل القاعدة أغلبية أم كلية؟.

    واختلفوا في كونها أغلبية أم كلية، وذلك راجع إلى أمرين:

    الأول: أنَّ من نظر إلى القاعدة باعتبار وجود استثناءات بها؛ فهذا حكم بأغلبيتها.

    الثاني: أنَّ من رأى عدم تأثير الاستثناءات في كلية القاعدة الفقهية؛ حكم بكلِّيَتِها.

    والراجح في في هذا هو كلية القاعدة، وذلك لأمور:

    أولاً: إخراج الأحكام الجزئية بمسألة معينة، إذ أنَّها ليست من القواعد الفقهية.

    ثانياً: أنَّ لفظ (القاعدة) بحد ذاته كليٌّ. وأمَّا اعتبار الأغلبية أو الأكثرية هو راجع إلى الجزئيات الداخلة في القاعدة.

    ثالثاً: اعتبار ما خرج عن القاعدة أمرٌ نادرٌ أو شاذٌ لا حكم له.

    رابعاً: كون المعتبر في عموم القاعدة هو العموم العادي لا العقلي(٧).

    ثُمَّ تعريف المشقة والمراد بها وصورها.

    فالمشقة لغة: معناها العناء والصعوبة. وأمَّا عند الفقهاء فإنَّها ليست مجرَّدُ المشقة وحسب. وإنَّما المراد بها المشقة المقيدة بشروط، وهو تجاوز الحدود العادية، والتي تعيق العبد عن المداومة على العمل. أمَّا المشقة المعتادة فهذه غير معتبرة شرعاً.

    أنواع المشقة وصورها :

    المشاقُّ على نوعين:

    النوع الأول: مشقة لا تنفك عنها العبادة، كمشقة الوضوء والاغتسال لصلاة الفجر في البرد الشديد. وإقامة الصلاة في السير الطويل في الحر والبرد. ومشقة الصوم في شدة الحر وطول نهار. ومشقة السفر للحج أو الجهاد. ومشقة طلب العلم والرحلة في طلبه. ومشقة إقامة الحدود بالنسبة للأقارب.

    فمثل هذه المشاقِّ لا اعتبار لها في إسقاط التكاليف أو تخفيفها، والسبب أنَّها لو اعتبرت شرعاً من المشاق الجالبة للتيسير لفاتت المصالح المترتبة على العبادات في أغلب أوقاتها(٨).

    النوع الثاني: مشقة تنفك عنها العبادة غالباً. وهذه على أنواع:

    النوع الأول: المشاقُّ العظيمة، كالخوف على النفوس أو الأطراف ومنافعها من التلف، فهذه موجبة للتخفيف والترخيص، لأنَّ حفظها لإقامة مصالح الدين أولى من تعريضها للتلف مع عبادة واحدة. وما كان فوق إطاقة المكلفين فإنَّه يسقط ولا شك؛ لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ(٩)، وهنا الشرع يراعي مصلحة المحافظة ومصلحة المداومة.

    النوع الثاني: مشقةٌ خفيفة، كأقلِّ صداعٍ أو وجعٍ أو تقلًّبِ مزاجٍ، فمثل هذه لا يُنظر إليها ولا يؤبه بها ويكون تحصيل مصلحة العبادة أولى.

    النوع الثالث: مشقة واقعة بين هاتين المشقتين مختلفة في الخفة والشدة، فما كان منها أقرب إلى المشقة العظيمة فرض التخفيف. وما كان منها أقرب إلى المشقة الخفيفة لم يفرض التخفيف.

    وهذه حسب ما يرى أهل الاختصاص كالأطباء، فرجل عمل عملية جراحية في رأسه أو وجهه كالعينين مثلاً؛ ثم أخبره الطبيب بأن السجود خلال فترة النقاهة يؤدي إلى مضاعفات. فهذا يترك السجود الفعلي ويكتفي بالإيماء.

    أو امرأة حامل أخبرتها الطبيبة أنَّ الوقوف في الصلاة قد يضاعف نسبة الإسقاط. فهي تكتفي بالجلوس إلى أن يثبت حملها بأمر الله تبارك وتعالى.

    وهناك مشاق بينهما أيضاً ولكنها لا تقترب من إحداهما وهذه قد يتوقف فيها.

    وأمَّا الجلب فمعناه لغة: الإتيان بالشيء.

    وأمَّا التيسير فمعناه لغة: التسهيل.

( أنواع التيسير )

    والتسهيل فيما اقتضته الحكمة الإلهية فعلاً أو تركاً هو على نوعين:

    الأول: تسهيلٌ بالإسقاط كلية، كإسقاط الوقوف في الصلاة عند عدم القدرة عليه.

  الثاني: تيسير بالتخفيف، كقصر الصلاة في السفر، وإسقاط الترتيب في أعمال يوم النحر.

    وهناك أنواعٌ من تيسير التخفيف؛ مثل أعذار الجمعة والجماعة، وتعجيل الزكاة قبل الحول، والتخفيف في العبادات، والمعاملات، والمناكحات، والجنايات(١٠).

( أسباب التيسير )

    وأسباب التيسير أو التخفيف تكاد تكون محصورة فيما يلي:

    أولاً: السفر.

    ثانياً: المرض.

    ثالثاً: الإكراه.

    رابعاً: النسيان.

    خامساً: الجهل.

    سادساً: العسر وعموم البلوى.

    سابعاً: النقص.

( القواعد الفرعية المندرجة تحتها )

    وهذه القاعدة الأصلية من قواعد الفقه تندرج تحتها قواعد فرعية:

    ١. الضرورات تبيح المحظورات، كأكل الميتة عند خوف الهلكة على النفس فيما يبقيها حية وقت الانقطاع من الزاد والماء أو وقت المجاعات الشديدة. وكذلك قتل الحيوان المملوك إذا هجم ولم يندفع هجومه إلا بالقتل.

    ٢. الضرورات تقدر بقدرها، كما لو لم تجد المريضة إلَّا طبيباً يكشف عليها واحتاجت إلى مسِّها أو الكشف عن عورتها فإنَّها تكشف عن عورتها بالقدر الذي يمكن الطبيب من التشخيص ولا تزيد عليه.

    ٣. إذا ضاق الأمر اتسع، مثل سقوط وجوب صلاة الجماعة عن أصحاب الأعذار، كمسافر خشي فوات رحلته وقت حضور الصلاة، أو المريض الذي يشق عليه الحضور إلى المسجد.

    ٤. لا واجب مع العجز، كمن قطعت أحد أطرافه، سقط عنه وجوب غسلها لغسل أو وضوء. أو كمن لم يجد الزاد والراحلة أو النفقة؛ سقط عنه وجوب الحج.

    ٥. الميسور لا يسقط بالمعسور، كمن عجز عن غسل يده أو مسحها، فإنَّه يغسل بقية الأعضاء، ويتيمم ليده، ولا يعمم جميع الأعضاء بالتيمم. أو كمن عجز عن الركوع وكان قادراً على القيام، صلى قائماً وأومأ بالركوع، ولا يصلي جالساً.

    هذا؛ وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه فقير عفو ربه

أبو حمود هادي محجب

السبت ٣٠ / جمادى الأولى / ١٤٤٤هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [٧٠-٧١].

(٤) [المائدة:٦].

(٥) [الحج:٧٨].

(٦) [البقرة:١٢٧].

(٧) انظر الموافقات للشاطبي.

(٨) انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٠-٨١. والأشباه والنظائر لابن نجيم ص٩٠-٩١.

(٩) [البقرة:٢٨٦].

(١٠) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٠-٨١. والأشباه والنظائر لابن نجيم ص٩٠-٩١.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تابع القراءه »

التشيع بوابة الإلحاد، ١- الشرك والإلحاد في ذات الربِّ جلَّ وعلا عند الشيعة الرافضة الاثني عشرية . . .

0 التعليقات


 بسم الله الرحمن الرحيم

    إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)،يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)،يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدَثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النَّار.

    كلُّ مسلمٍ يعلم أنَّ الله تبارك وتعالى قد بعثَ محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق إلى النَّاس كافة ليظهره على الدين كله. وقد بيَّنَ الدين صلى الله عليه وسلم من خلال سنته؛ التي تركنا عليها صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية، لا لبس فيها ولا خفاء ولا إبهام ولا غموض. ولا يلتبس الحق إلا على جاهل؛ لا يعلم إلا ما أراد سادته وكبراءه أن يعلمه من عندهم. فكان هؤلاء كأحبار اليهود ورهبان النصارى، لا يطلعون أتباعهم إلا على ما يوافق أهواءهم عياذاً بالله.

    فلقد كان كثيرٌ من أحبار اليهود يحرفون الكلم عن مواضعه، سواء كان تحريفاً حرفياً أو لفظياً أو تحريفاً للمعنى المراد من الله تبارك وتعالى وعلى ألسنة رسلهم.

    وعمائم الدين الصفوي الشيعي الرافضي الإمامي الاثني عشري المجوسي منذ سقوط دولة فارس المجوسية إلى يومنا هذا وهم مندسون بين المسلمين، بعباءة الدين وحب آل البيت رضي الله عنهم.

    يترصَّدون ضعف المسلمين في الآفاق، ويتحينون الفرص لنشر فسادهم وفساد معتقداتهم بين المسلمين، تارة بتأليه الأموات، وتارة بدعائهم، وتارة برفع من يسمونهم أئمة إلى منزلة الألوهية، بل ويجعلون لهم من الخصائص ما لا تكون إلَّا لله تبارك وتعالى. وتارة برفع منزلتهم فوق منزلة الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

    وتارة بالفسق والمعاصي، وتارة بحب آل البيت، وتارة بإثارة جهلاء المسلمين بنشر ما شجر بين الصحابة واللعب على هذا الأمر وتأليبهم على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أمهات المؤمنين زوجاته رضي الله عنهم أجمعين، وتكفيرهم وسبهم،   ومراد هؤلاء الزنادقة إسقاط الإسلام بإسقاط حملته العدول.

    وتارة بالخرافات والخزعبلات والكذب والدجل على الجهلاء. وتارة بالتلاعب بالقرآن الكريم الذي تعهد الله تبارك وتعالى بحفظه. فيهجمون على القرآن الكريم بإضافة ونقص وتحريف للألفاظ والمعنى.

    ولكن لما كان المجوس الكسرويون قد نشروا خفية التشيع ذا الخلفية المجوسية؛ وذا الأجندات الحسابية؛ الناقمة على المسلمين عامة، والعرب على وجه الخصوص، قاموا باستنساخ دين يخصهم، دين ظاهره الإسلام، وباطنه الكفر والإلحاد. دينٍ مسخٍ؛ دينٍ هجينٍ بين دهاليز نار المجوسية الكهنوتية؛ وبين أسماءٍ أخذوها من الإسلام تقية ونفاقا.

    فإبَّان انهيار دولة فارس المجوسية؛ حملوا على عاتقهم نشر الإلحاد والشرك في صفوف المسلمين، بابتداعهم لدين الشيعة السبئية على يد اليهودي المجرم عبد الله بن سبأ اليهودي. فوجد كهنة فارس المجوسيون ضالتهم في هذه الفرقة؛ حينما قام عليٌّ رضي الله عنه بنفي ابن سبأ ومن بقي معه إلى المدائن. ومن هنا انطلقت شرارة بلورة هذا الدين الإلحادي المجوسي، مرتكزين على فكرة تأليه عليٍّ ونسله من بعده تحت اسم (أئمة آل البيت)، زاعمين أنَّ الدين لا يكون إلا من خلالهم، وأنَّه لا يدخل أحدٌ الجنة إلَّا من كان من شيعتهم. كذلك تظاهروا بحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى صاروا فرقاً وطوائف شتى. فظهر الباطنيون وهم فرق متعددة، فمنهم الإسماعيلية، والرافضة السبئية الإمامية، والعبيديون، وملل ونحلٌ شتى.

    وترجح المصادر إلى أنَّ ظهور الإمامية كان في أوائل  القرن الرابع الهجري، مِـمَّـا يدُلُّ دلالة قاطعة على أنَّها ديانة مستحدثة على يد المجوس حثالات ما تبقى من الكسرويين وعبيدهم.

    إلى حين أن ظهر الصفويون -وهم طلائع الزحف الشيعي المجوسي في هذا العصر الحديث- على المسلمين في بلاد خراسان -وكانت أرض سنة وعلم- مع بدايات عام ١٥٠١م؛ وهذا التوقيت انبجس عنه ظهور الحقبة الإيرانية التي هيمنت على هذه الأراضي بعد مكوث الفتح الإسلامي بها سبعة قرون كلها على الإسلام والسنة. فأجبروا الناس هناك على التشيع قسراً، وبدأوا في نشر الغلو والشرك حينما لبسوا مسوح العلماء وظهروا على الناس ناشرين بينهم الغلو في آل البيت بحجة حبهم، وألفوا في ذلك الكتب المحشوة بالكفر بالله تبارك وتعالى، وتكذيب رسوله صلى الله عليه وسلم، وسب صحابته وتكفيرهم، وسب أمهات المؤمنين وتكفيرهم، ورفع أئمة آل البيت إلى منزلة الألوهية. حتى صار عوام الناس وجهلاؤهم كالدوابِّ التي يقودونها حيثما شاؤوا وكيفما شاؤوا. لا يسألون في دينهم عن دليل، ولا يناقشون، ولا يعرفون ولا ينكرون إلا ما تلقوه منهم، وما عدا ذلك فهو باطل، وهذه قاصمة الظهر التي أهلكت كثيراً من الخلق الذين تبعوهم على هذا الدين الباطل.

    فتسمى قادتهم بآية الله، والسيد، والحجة، والمرجع. ثم ما كان من آخر المناصب التي اخترعوها على يد الهالك الخميني؛ ولاية الفقيه - التي سنأتي عليها في حينها إن شاء الله-، القائم مقام الإمام الغائب عندهم، وما له من العصمة لدى عموم الشيعة. وهالوا عليهم الألقاب الموهمة بأنَّ بيد سادتهم وأئمتهم مفاتيح الجنة والنار، يدخلون في الجنة من والاهم، ويدخلون النَّار من عاداهم.

    وهذه سلسلة جمعتها حول دين الرافضة السبئية المجوسية الكسروية الإمامية الاثني عشرية. أسلط فيها الضوء على حقيقة هذا الدين المجوسي، المتلبس بالإسلام زوراً وبهتاناً وكذباً على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفاقاً للمسلمين، وهو ما يسمونه تقية. وسوف نبدأ باكورة هذه السلسلة إن شاء الله ببيان معالم الشرك بالله تبارك وتعالى عند الشيعة الرافضة الاثني عشرية، وبيان معالم الغلو المفضي بهم إلى الإشراك بالله تبارك وتعالى.

    فالله تبارك وتعالى قد بيَّنَ في القرآن الكريم خطورة الشرك ومظاهر الشرك، وبين أنَّه أعظم ذنب عُصِيَ به الله تبارك وتعالى. وأنَّه الذنب الذي لا يغفر الله لصاحبه إذا مات عليه، وبَيَّنَ مآل من مات على الشرك، وأنَّه خالدٌ مُخَلَّدٌ في النار عياذاً بالله. فقال تبارك وتعالى: إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا ٤٨(٤). وبَيَّنَ تبارك وتعالى أنَّ الإشراك بالله سَبَبٌ لحبوط العمل وسَبَبٌ للخسارة في الآخرة؛ فقال جلَّ من قائل: وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥(٥).

    وللترمذي وحسَّنَه عن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: [قال الله تعالى: يا ابن آدم؛ إنَّك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتَيتُكَ بقُرابِها مغفرة](٦).

    والمتتبع والمستقرئ لدين الرافضة الاثني عشرية؛ يجد عندهم من مظاهر الإشراك بالله تبارك وتعالى الشيء الكثير، وهذا ما يؤكد ما سطرناه مطلع هذه المقالة من أنَّ دينهم خليط بين عدة ديانات، وليس لهم فيه من الإسلام إلَّا أسماء الشعائر فقط. فيجد من معالم الشرك عندهم ما يلي:

    أولاً: قولهم بأنَّ الأئمة واسطة بينهم وبين الله تبارك وتعالى. وهذا لا شكَّ أنَّه غُلُوٌّ مُحرَّم؛ فإنَّ كلَّ غلو في الصالحين أو أيّاً كان؛ لا بد أنَّه سيُفضي بصاحبه إلى الإشراك بالله تبارك وتعالى، وقصة الخمسة الصالحين من قوم نوح خير شاهدٍ على هذا.

    والشيعة الرافضة الاثنا عشرية لمَّا غلو في عليٍّ رضي الله عنه ونسله من بعده؛ رفعوهم إلى منزلة الربوبية والألوهية، ونسبوا لهم الخلق والرزق والإحياء والإماتة، وصرفوا لهم من أفعال الربوبية ما تقشعر منه قلوب الصالحين عياذاً بالله.

    فإن كل من اتخذ الأئمة الاثني عشر واسطة ومراده بالواسطة أنَّه يدعوهم من دون الله ويتقرب بهم إلى الله، وأنَّه يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلَّا الله تبارك وتعالى؛ -وهذا حقيقة معتقد الرافضة الاثني عشرية- كان ذلك منه شركاً أكبر يُخرجه من الإسلام عياذاً بالله.

    والله تبارك وتعالى قد أكدَّ ضعف كل من يُدعى من دونه، ويُهتَفُ باسمه عند الشدائد؛ أيّاً كان هذا المدعو من دون الله تبارك وتعالى. سواء كان علياً رضي الله عنه أو الحسن أو الحسين رضي الله عنهما، أو العباس رضي الله عنه، أو زينب رضي الله عنها، أو أي مدعو غيرهم. فقال تبارك وتعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ١٩٤ أَلَهُمۡ أَرۡجُلٞ يَمۡشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَيۡدٖ يَبۡطِشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَعۡيُنٞ يُبۡصِرُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۗ قُلِ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ١٩٥(٧). وقال تبارك وتعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ ٧٣(٨).

    وكلُّ قارئ لكتاب الله تبارك وتعالى على الحق وعلى الفطرة الصحيحة يجد الله تبارك وتعالى قد حَرَّمَ على عباده المكلفين اتخاذ الواسطة بينهم وبين ربهم؛ في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وبَيَّنَ تبارك وتعالى أنَّ هذه هي حجة الكافرين في الجاهلية. فقال تبارك وتعالى: تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ١ إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ ٢ أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ ٣(٩).

    وانظر إلى قول المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) -والحق أنَّه بحار الظلمات- حينما قال: (فإنهم –أي الأئمة الاثني عشر– حجب الرب والوسائط بينه وبين الخلق)(١٠)ا.هـ

    ويقول: (باب أنَّ الناس لا يهتدون إلَّا بهم، وأنَّهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنَّه لا يدخل الجنة إلَّا من عرفهم)(١١)ا.هـ

    ثم سرد ثَمَّ من الروايات المكذوبة على أئمة آل البيت الشيء الكثير. منها قوله: أنَّ أبا عبد الله -يعني الحسين رضي الله عنه- قال: (نحن السبب بينكم وبين الله عز وجل)(١٢)ا.هـ

    وهذا والله هو الكذب على الله تبارك وتعالى وعلى عباده المتقين، والكذب على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فإذا كان المسلمون يعتقدون أنَّ بلاغ الرسالات كان بواسطة الرسل والأنبياء وأنَّ العبادة والدعاء لا يصح بواسطة بين المخلوق والخالق تبارك وتعالى، فإنَّ الشيعة الرافضة الإمامية الاثني عشرية السبئية الصفوية المجوسية يعتقدون أنَّ الأئمة عندهم هم المبلغون لشرع الله وهم الواسطة بينهم وبين الله وهم الباب إلى الجنة وهم من يتصرفون في الجنة والنار يوم القيامة.

    ثانياً: استغاثة الشيعة السبئية الرافضة الاثني عشرية بقبور أئمة آل البيت في الرخاء والشدة، واللجوء إليهم في طلب الحاجات من دون الله تبارك وتعالى، كطلب الرزق، وطلب الولد، وطلب الشفاء من المرض، وتفريج الكربات، ومناداتهم بقولهم (يا علي) أو (يا حسين) أو (يا عباس) أو (يا زهراء)، والاستعانة بهم؛ ونحو ذلك، واعتقادهم فيهم أنَّهم يجيبونهم، وهذا لا شك أنَّه من شرك الألوهية. لأنَّ الله تبارك وتعالى يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ١٨٦(١٣). ومن كان هذا حالهم؛ كان مشركوا العرب في الجاهلية خيراً منهم ولا شك. لأنَّ أولئك القوم كانوا يشركون في الرخاء، أمَّا عند الشدائد فإنَّهم كانوا يضرعون إلى الله تبارك وتعالى وحده ويتركون ما يعبدون من آلهة باطلة.

    والمصيبة تعظم عندما يتخلى الرافضي عن عقله ويسلمه للسادة عنده؛ ويصدقهم في التهوين من أمر الاشراك بالله تبارك وتعالى وصرف العبادة للموتى. فهذا المجلسي يقول عن الأئمة بأنَّهم: (الشفاء الأكبر والدواء الأعظم لمن استشفى بهم)(١٤)ا.هـ

    ثالثاً: اعتقادهم بأنَّ للأئمة عندهم حقَّ التشريع في الحلال والحرام، والأمر والنهي. وهذا مما أدخله الصفوية المجوس على الشيعة في دينهم. وهذا مظهر من مظاهر الغلو المفضي إلى الإشراك بالله تبارك وتعالى. وأنَّه لا يصح لأحدٍ أن يتعلم ما اشتملت عليه آيات الأحكام في القرآن الكريم من حلال وحرام إلَّا من خلال الأئمة عندهم. ولا أن يعرف حدود ما أمر الله به وما نهى عنه إلَّا من خلال الأئمة عندهم.

    ومن المعلوم بالضرورة عند المسلمين أنَّ التحليل والتحريم والأمر والنهي هو حقٌّ محضٌ لله تبارك وتعالى. وأنَّ من ادعى أنَّ لأحدٍ الحق في التحليل والتحريم أو الأمر والنهي فقد كفر كما كفر أهل الكتاب من اليهود والنصارى حين أطاعوا أحبارهم ورهبانهم واتخذوهم أنداداً من دون الله وعبدوهم بطاعتهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلَّ الله.

    والمعلوم من الدين بالضرورة أيضاً أنَّ الحلال ما أحله الله تبارك وتعالى، والحرام ما حرَّمَه الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته المطهرة.

    وانظر إلى غاية الكذب ومنتهاه على الله تبارك وتعالى؛ وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وعلى عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما؛ عند الكليني حين قال في كتابه أصول الكافي حين قال عن ربِّ العزة والجلال: (يا محمد إنَّ الله لم يزل متفرداً بوحدانيته، ثمَّ خلق محمداً وعلياً وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثُمَّ خلق جميع الأشياء، فأشهدهم -أي محمداً وعلياً وفاطمة- خلقها -أي خلق الأشياء- وأجرى طاعتهم عليها، وفوَّضَ أمورها إليهم، فهم يُحلَّون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون)(١٥)ا.هـ

    رابعاً: اعتقادهم بتصرف الأئمة في الكون، وتسيير الحوادث الكونية، وأنَّهم يملكون مقاليد السماوات والأرض قاطبة. فالرعد والبرق من تصرففهم عند الرافضة الإمامية. وهذا والله محض الكذب والدجل والافتراء. من ذلك ما قاله المجلسي: (عن سماعة بن مهران، قال كنت عند أبي عبد الله -يعني الحسين رضي الله عنه- فأرعدت السماء وأبرقت، فقال أبو عبد الله: أمَّا إنَّه ما كان من هذا الرعد والبرق فإنَّه من أمر صاحبكم، قلت: من صاحبنا؟!، قال: أمير المؤمنين)(١٦)ا.هـ

    خامساً: ادعاءهم أنَّ الله تبارك وتعالى يزور قبر الحسين -تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيرا- . يريدون بهذا حث الجهلاء على زيارة قبور الأئمة عندهم على وجه يشابه الحج والعمرة والزيارة عند المسلمين. وخاصة قبر الحسين رضي الله عنه. بل والمكوث والمرابطة عند قبره وطلب الفيوضات والمدد، لتروج تجارتهم عن طريق القرابين التي يقدمها كل زائر، فهي عندهم ديانة وتجارة. وذاك البحراني نقل في كتابه معاجز المدينة قوله: (قال أبو عبد الله -يعني جعفر الصادق- لرجل: هل لك في قبر الحسين، قلت: أتزوره جُعِلتُ فداك؟، قال: وكيف لا أزوره؟؛ والله يزوره في كلِّ ليلة جمعة، يهبط مع الملائكة والأنبياء والأوصياء)(١٧)ا.هـ

    وغير هذا مما لم نذكر كثير؛ وإنَّما هذه إشارات فقط، ومن حرص على الهدى من هؤلاء القوم بحث عن الحق وقبله ورجع إلى الدين الصحيح والحق المبين من كتاب الله تبارك وتعالى وصحيح سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

    تتواصل معنا السلسلة في الحلقات القدمة إن شاء الله تبارك وتعالى. نكتفي بهذا القدر؛ وصلى الله وسلَّمَ وبارك على نبينا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه فقير عفو ربه

أبو حمود هادي بن قادري بن حسين محجب

الجمعة ٢٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٤هـ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [الأحزاب:٧٠-٧١].

(٤) [النساء:٤٨].

(٥) [الزمر:٦٥].

(٦) أخرجه الترمذي في الدعوات بابٌ في فضل التوبة والاستغفار وما ذُكِرَ من رحمة الله لعباده، (٥/٥٤٨) برقم (٣٥٤٠)، وقال هذا حديث غريبٌ لا نعرفه

      إلَّا من هذا الوجه.

(٧) [الأعراف:١٩٤-١٩٥].

(٨) [الحج:٧٣].

(٩) [الزمر:١-٣].

(١٠) بحار الأنوار للمجلسي ج٢٣ ص٩٧ ط دار إحياء التراث العربي.

(١١) المصدر السابق ج٢٣ ص٩٩.

(١٢) المصدر السابق ج٢٣ ص١٠١ ط دار إحياء التراث العربي.

(١٣) [البقرة:١٨٦].

(١٤) بحار الأنوار ج٣٣ ص٩٤.

(١٥) الأصول من الكافي للكليني ج١ ص٤٤١ الناشر مكتبة الصدوق.

(١٦) بحار النوار للمجلسي ج٢٧ ص٣٣.

(١٧) معاجز المدينة ج٤ ص٢٠٨.


تابع القراءه »

المقالات

   البلاغة العربية نشأتها وصلتها بعلوم الشريعة والعربية    همسة في صماخ الأستاذ علي حملي    إشباع النهم ببيان أقسام تعلق الكلم    الشيخ محمد أيوب رحمه الله سيرة وعطاء    التوحيد هو أعظم الأمور وأهمها    البيان والارتجال في الخطابة والوعظ والمقال    العلم الشرعي وأثره في حياة سلفنا الصالح    الأخوة الإيمانية عند حسام العدني    دولة فاحش والحرب على الإسلام بالوكالة وتفجيرات باريس


Flag Counter

التصفح المباشر

مواقع سلفية

   مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية