مكتبة أبي حمود العلمية

الرجل الأبيض المتسول . . .

بسم الله الرحمن الرحيم

    إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

   يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدقَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.

    لا شكَّ أنَّ كثيراً من المسلمين يلاحظون سنوياً ازدياد الهجمات الأوروبية الصليبية على الإسلام ديناً وكتاباً ونبياً صلى الله عليه وسلم، باسم الحريات وحق التعبير.

    وهؤلاء المجتمعات المدعية للحضارة والمدنية والرقي، وأنَّهم هم العالم الأول؛ إذا نظرت في حقيقتهم أرضاً وإنساناً وتاريخاً تجد أنَّهم شعوبٌ متسولة ومتطفلة على شعوب مستضعفة في شتى أصقاع الأرض.

    ينهبون ثرواتهم، ويرهبونهم ويقمعون من نادى منهم بالتحرر من قبضتهم ومحاربتهم وطردهم من أرضهم.

    إنَّها أوروبا أرض (الرجل الأبيض المتسول)، بلاد أبناء البغاء عياذاً بالله، وبلاد اللقطاء من أصقاع الأرض - فرنسا مثال حي على هذا-.

    ولماذا فرنسا تحديداً؟، لأنها بلاد الحريات كما يزعم حكامها أبناء الفاجرات. الذين يديرون فيها ممارسة حرية شتم رسولنا صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء هم نتاج اليمين المتطرف الذين باتوا يتجرعون مرارة الغربة والنقص والدونية على أرضهم. تماماً كما كان أجدادهم الأوائل المنبوذون في أرض الغال، وهو الاسم القديم لفرنسا وكانت أرضاً مهملة في الغرب الأوروبي احتلتها قبائل بربرية مهاجرة من الشرق الأوروبي وتحديداً من أراضي اليونان. فاستقروا هناك وعاشوا على السلب والنهب حيث لم يكن بتلك الأرض أي موارد تذكر إلى يومنا هذا. وإنَّما موارد هذه الدولة حديثاً تعتمد على ما تقوم بسرقته من أراضي الشعوب الأفريقية المستضعفة.
    دولة حقيرة وشعب أحقر. حضارتهم المزعومة قامت على أقوات الدول الأفريقية المغلوبة على أمرها. دولة بنت حضارتها الكاذبة على أرزاق الشعوب المستضعفة، التي لا بد أن يأتي عليها يومٌ وتطرد هؤلاء المتسولين والطفيليين من أراضيهم.

    إنَّ فرنسا؛ هذه الدولة ذات الثراء والسلطة؛ التي لم يكن لها لتقوم دولة أو شعباً لو لم يكن حكامها وجيشها إرهابيون دمويون يحتلون أراضي الشعوب الأفريقية وينهبون ثرواتها ومناجمها ومزارعها وحتى هواءها. دولة أوروبية ليس بها من المناجم شيء ومع ذلك تمتلك أكبر احتياطي من الذهب والفضة والألماس واليورانيوم والكاكاو، بقوة الحاميات الإرهابية من الجيش الفرنسي والمسماة بقوات حفظ السلام زوراً وبهتاناً. مما يجعل الباحث يدير كَفَيِّ التعجب من هذا. وعندما يدير صفحات التاريخ ويقلبه يجد أنَّ هذه الدولة هي مجموعة لصوص وعصابات سلب ونهب في هيئة دولة متحضرة، شأنها شأن جميع دول أوروبا.

    وليست بريطانيا ببعيدة عن الأذهان بما سطرته من إجرام في الدول التي هيمنت عليها ردحاً من الزمان، فمنهم من رفضوا دنس الإحتلال حتى طردوهم من أرضهم. ومنهم دول خانعة لا تزال تدار بأمر التاج البريطاني وهي ما تعرف بدول (الكومنويلث).

    وليس ببعيد عن الأذهان دولة السويد ومن قبلها الدنمارك؛ التي لا حضارة ولا تاريخ يذكر، سوى أنَّهم أبناء قبائل بربرية وثنية كافرة يدعون (الفايكينق)، والذين كانوا يغيرون على الشعوب يعيثون فيها فسادا وقتلا ونهباً وسرقة. وكانوا يجوبون البحار؛ كقراصنة همجيين إرهابيين.

    حتى أخزاهم الله على أيدي المسلمين في المشرق العربي في بلاد العراق والشام. وأخزاهم على أيدي المسلمين في بلاد الأندلس. فعادوا إلى بلادهم التي جاؤوا منها منكسرين يجرُّون أذيال الخزي والهزيمة والعار.

    هذه الدول التي تستورد المرضى من رسامي الجرائد والمجلات، والشواذ المنبوذين من بلدانهم؛ وتشجعهم على إحراق القرآن الكريم وسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وسبِّ الإسلام والمسلمين؛ باسم حريات التعبير عن الرأي، وباسم الديموقراطية الكفرية، وباسم حقوق الإنسان المكذوبة.

    وكانت هذه الشعوب الأوروبية يعادي بعضها بعضاً ويغير بعضها على بعض، وينهب القوي فيها الضعيف، ولا يكاد يوجد بها من حضارة تذكر سوى حضارة بلاد الأندلس التي كانت مثالاً للحضارة الإسلامية الإنسانية في ذلك الوقت، والتي كانت حلماً لكل أوروبي متخلف أن يعش بها.

    استمرت أوروبا في ظلامها الدامس الجاهل لأبسط معاني التحضر والرقي، وحروبها الطاحنة فيما بينها. ونور الإسلام والعلم في الأندلس يشع من مساجدها وجوامعها، مقدماً للبشرية أروع الأمثلة لمعنى أن يكون الإنسان في أجلِّ صورة للحضارة منذ خلقت البشرية.

    حتى نادت كنيسة الفاتكان بتوحيد عصابات السلب والنهب في أوروبا والتي يزعمون أنها ممالك، تحت راية الصليب الكفرية ودعوتها للحروب الصليبية المكذوبة على المسيح، وهذا ما ابتدعته الكنيسة الفاجرة في الفاتكان نحو عدو واحد يحمل رهبانها وقساوستها الحقد والحسد عليه لتسيير حملات صليبية على المسلمين في الأندلس والمشرق المسلم. فكانت هذه الحملات نواة وشرارة قذفت في أذهان قادة أوروبا بعد ذلك لتسيير حملات الإحتلال على دول الشرق المسلم وعلى دول وشعوب أفريقيا المستضعفة ونهب كل مقدراتها وخيراتها وأرزاقها وكل ما يقع في أيديهم من تراث ومخطوطات وآثار.

    وكانت أولى هذه الحملات الصليبية القذرة على الشرق المسلم فرنسية بامتياز، لأنَّ هذا الشعب من أقذر ما عرفت البشرية. قومٌ الواحد منهم لا يكاد يعرف أباه. فعاثوا في المسلمين قتلاً ونهباً وانتهاكاً للأعراض واستباحة للحرمات. فاحتلوا بلاد الشام كافة. فقيض الله للمسلمين دولة بني أيوب في مصر حرسها الله فقاتلوهم وهزم الصليبيون في الحملة السابعة شرَّ هزيمة، وأسر ملكهم، وفدا نفسه بالمال.

    ولمَّا عاد إلى بلاده جهز لحملة صليبية أخرى وهذه المرة على الشمال الأفريقي المسلم، وتحديداً على تونس، ولكنها باءت بالفشل.

    ولمَّا هيأ الله لبزوغ هلال الدولة العثمانية ردَّ الله كيد الأوروبيين في نحورهم وشغلهم بقيام هذه الدولة الفتية عن الإغارة على بلاد المسلمين. فانقطع دابر حملاتهم الصليبية بانتصار المسلمين عليهم.

    فعاد الأوروبيون لسابق عهدهم تغير كلُّ دولة على جارتها، من تلكم الحروب حرب المائة عام بين فرنسا وإنجلترا، انتهت بانتصار فرنسا ورزوحها تحت الفقر المدقع لقرون من الزمان. وبسبب ذلك دخلت فرنسا في فترة مظلمة من القلاقل والفتن والنهب والسلب، ومن ثم نشبت بينها وبين ألمانيا مناوشات بعد انضواء أسبانيا تحت عرش الملك الألماني شارلكان، والذي أراد في ذلك الوقت ضم فرنسا لأراضي ألمانيا، فلجأت فرنسا إلى المسلمين محتمية بهم وبدولتهم الفتية؛ الدولة العثمانية، وكان الخليفة آنذاك سليمان القانوني، الذي أرسل رسالة إلى ملك ألمانيا شارلكان؛ مفادها تحرير ملك فرنسا فرانسوا الأول، والتهديد باحتلال ألمانيا إن لم يفعل ذلك.

    نسي كلاب فرنسا هذا المعروف الذي صنعه لهم المسلمون، بعد عجز الدولة العثمانية وانهيارها، فبدأت فترة الانتداب الفرنسي والبريطاني على بلاد الشرق المسلم وبلاد أفريقيا عموماً. فقاموا بتقاسم أراضي هذه الدولة في أوروبا وفي بلاد العرب وفي بلدان أفريقيا. وبدأت قصة الانتداب المظلم الجائر. وكشرت أوروبا عن أنياب الغدر والخديعة والمكر. وجثموا على صدور الدول العربية والأفريقية ردحاً من الزمان.

    فأخذت فرنسا بلاد الشام وقسمتها واستضعفتها، وأخذت بريطانيا بلاد بادية الشام وفلسطين وبلاد العراق ومصر. ولم يخرجوا منها إلا وقد زرعوا ذلك السرطان الخبيث المسمى بدولة إسرائيل في أرض الأنبياء ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثالث الحرمين أرض فلسطين طهرها الله من دنس اليهود.

    فعن أي حضارة تتكلم أوروبا، وعن أي حقوق للإنسان تدافع أوروبا. إن الفاجرة حينما تضم إلى فجورها وبجاحتها قوى شر شيطانية؛ لابد لها أن تلجأ إلى تجميل صورتها أمام البشرية بأسطول إعلام يجتاح العالم من إذاعات وقنوات تلفزيون وأقمار فضائية ناقلة، مروراً بما يسمى اليوم بوسائل التواصل الاجتماعي.

    وأقبح من الأم القبيحة والعجوز المريضة؛ ابنة لها لا أب لها يعرف، قامت هي أيضا على أنقاض شعوب أبادتها وادعت حقها في الأرض والتاريخ على الشاطئ الغربي لبحر الظلمات. ألا وهي بلاد الشواذ وبلاد العربدة والدعارة والفجور، بلاد أمريكا لا باركها الله ولا رفع لها راية، وأذاقها الله لباس الذل والهوان.

    هي مسخٌ مستنسخ من العقلية الأوروبية المتخلفة، التي تقيم حضاراتها المزعومة على خيرات الأمم التي تحتلها. العراق نموذجٌ حيٌّ شاهدٌ على هذه القذارة المتجذرة في العرق الأوروبي المجرم. ومن قبلها بلاد فيتنام، وبلاد الصومال، وكثيرٌ من بلدان العالم.

    ونبشر هؤلاء المجرمين؛ بأنَّ جبروتهم إلى زوال بإذن الله، وإرهابهم الذي يمارسونه على الشعوب باسم الحريات وحقوق الإنسان. لأنَّ من سنن الله الكونية أن يضرب الظالمين بالظالمين، ويذيق بعضهم بأس بعض. وأنَّ كذبهم وزيفهم قد بات العالم بأسره يعرفه.

    ولعلَّ الله أن يسلِّطَ عليهم من الأمم من يزيح جاثومهم عن المسلمين خاصة؛ والعالم كافة. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه فقير عفو ربه القدير

أبو حمود هادي محجب

١٠ / صفر / ١٤٤٥هـ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [الأحزاب:٧٠-٧١].


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

0 التعليقات:

المقالات

   البلاغة العربية نشأتها وصلتها بعلوم الشريعة والعربية    همسة في صماخ الأستاذ علي حملي    إشباع النهم ببيان أقسام تعلق الكلم    الشيخ محمد أيوب رحمه الله سيرة وعطاء    التوحيد هو أعظم الأمور وأهمها    البيان والارتجال في الخطابة والوعظ والمقال    العلم الشرعي وأثره في حياة سلفنا الصالح    الأخوة الإيمانية عند حسام العدني    دولة فاحش والحرب على الإسلام بالوكالة وتفجيرات باريس


Flag Counter

التصفح المباشر

مواقع سلفية

   مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية