مكتبة أبي حمود العلمية

كشف الجريمة في تجني أحمد كريمة . . .

بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)، يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

    والناظر لحال الموحدين اليوم؛ يجد أنَّ غربتهم بدأت تظهر، وصاروا غرباء مستنكرين بين الأمم من حولهم. فأهل التوحيد القائمون على سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم صاروا هدفاً لكل حاقد مجرم بغيض. فأعداءهم إمَّا يهودٌ مغضوبٌ عليهم، أو نصارى ضالُّون، أو ملحدون فُجَّار، أو روافض كُفَّار. وخصومهم إمَّا أشعريّةٌ مؤَوِّلة، أو صوفيَّةٌ قبوريَّةٌ مشركة، أو خوارج مُكَفِّرةٌ قتلة.

    وكل أولئك إنَّما هم يعادون الحق متمثِّلاً فيمن اتبعه وعمل به؛ وهم أهل السنة والجماعة. أيّاً كان الاسم الذي يطلقه عليهم هؤلاء؛ فمن قائل: (هؤلاء مسلمون)، ومن قائل: (هؤلاء وهابية)، وآخر: (هؤلاء سلفية جهادية)، وآخر: (هؤلاء مُتَسَلِّفَة)، وكلُّ هذه الأسماء هي ألقابٌ أطلقها أهل الباطل لينفروا الخلق عن دعوة الحق.

    وكان ممن ظهر من هؤلاء الفجرة مؤخراً على أهل السنة؛ المدعو (أحمد كريمة)، الأزهريُّ الأشعريُّ الصوفيُّ القبوري، الذي جاء بالبواقر والفواقر والبوائق والغوائل في دين الله تبارك وتعالى. حتى بات بوقاً جديداً لأصحاب البيت الإبراهيمي في مصر حرسها الله، حين أطلق حملة إدخال الجنة بالمجان لجميع الخلق، والذي ادعى أنَّ الجنة ليست ملكاً لأحدٍ إلَّا له كما يُفهَمُ من إدخاله لكلِّ الخلق يهوديِّهم ونصرانيِّهم ورافضيهم؛ وأكَّدَ أنَّ اليهود والنصارى والرافضة ليسوا بكُفَّارٍ، هكذا وبدون دليلٍ، لا لشيءٍ إلَّا مجرَّدِ اتباع الظنِّ والهوى المتجرِّدِ عن الأدلة. كيف والله تبارك وتعالى يقول: وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٥٠(٤)، ويقول تبارك وتعالى: لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِيحُ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ ٧٢ لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ وَإِن لَّمۡ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣(٥). ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمَّا أمر بلالاً أن ينادي في الناس: [أنَّه لن يدخلَ الجنة إلَّا نفسٌ مسلمة](٦). فحسبنا الله ونعم الوكيل، أمَا يستحي إذا لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة مخالفاً قوله؛ مكذباً خبره. نعوذ بالله من الخذلان.

    وقال بكفر السلفيين؛ ويريد عموم السلفيين، لا فرق عنده بين من ينتمون للسلفية وهم إخوانٌ في حقيقتهم، أو من كانوا على عقيدة أهل السنة والجماعة منهجاً وعملاً. كما شبه الذين قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام بأنَّهم جاؤوا بما شابهوا به النصارى في أقانيمهم الثلاثة؛ يريد بهذا عقيدة الثالوث عند النصارى. والغريب في الأمر والذي يؤكد جهله وتناقضه هو أنَّه قد حكم للنصارى بالجنة بالرغم من أنَّهم أهل ثالوث، في حين أنَّه شبه السلفيين الموحدين بالنصارى في الثالوث وحكم بكفرهم. وهذه والله مفارقة عجيبة تدل على جهل هذا الرجل جهلاً مركباً.

    تكفيرٌ للركع السجود، وشهادة بالجنة لليهود والنصارى. فلماذا لا زلت شيخاً بالأزهر تُدَرِّسُ الهرطقات والتكفير -مع تنزيه الأزهر أن يدرس التكفير- وأنت بوسعك أن تدخل الجنة وأنت معلقاً للصليب منادياً: (باسم الأب والابن وروح القدس إلهاً واحداً)؛ نسأل الله السلامة والعافية. وأنَّه لا يوجد نصرانيٌّ كافرٌ ولا يهوديٌّ كافر، أمَّا السلفيون فهم كفارٌ بل وخطرٌ على الإسلام. هكذا بلا ضوابط وبلا أدلة وبلا لجامٍ يشكم هذا الجاهل.

    ومن علامات خذلانه استشهاده بشيء من الإنجيل المحرف ينسبه للمسيح عليه الصلاة والسلام. والنبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه حين رأى في يده صحيفة إسرائيلية: [أمُتَهَوِّكونَ فيما جئتكم به يا ابن الخطاب؟، ألم آتكم بها بيضاء نقية، والله لا يسمع بي يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ من هذه الأمة ثم يموت ولم يؤمن بي إلَّا كان من أصحاب النار، ولو أنَّ أخي موسى حيّاً ما وسعه إلَّا أن يتبعني](٧). ويتأول لهم معنى الأبوة التي يزعمونها بينهم وبين الله - عياذاً بالله - أنَّها أبوة مجازية. تأويلٌ حتى النصارى أنفسهم لا يقولون به. فتأويلك هذا للأبوة التي يدعونها بينهم وبين الله تعالى؛ هو إقرارٌ منك لهم على هذا اللفظ، فيا ربِّ سلِّم سلم. ونعوذ بك ربنا من أن تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ونعوذ بك ربنا من أن نغترَّ بأنفسنا؛ أو أن نُعجبَ برأينا.

   بل والأخطر من هذا وذاك؛ أنَّه لا غضاضة لديه في مدنية الدولة أن يتولى مرشحٌ نصرانيٌّ رئاسة الدولة. إذن؛ فلماذا قامت الفتوحات الإسلامية في مصر والشام وفلسطين والعراق والمغرب والأندلس؟!؛ والمسلمون باستطاعتهم أن يحكمهم غير المسلمين في أي مكان، إلَّا لِأَنْ تكونَ كلمة الله هي العليا، وتكونَ كلمة الذين كفروا هي السفلى.

    ويخرج هذا الفاجر على قناة العالم المجوسية ليتبجح بكل تخلٍّ عن الورع والخوف من الله ليقول بأنَّ الخلافة تم انتزاعها من عليٍ رضي الله عنه؛ لأمرٍ دُيرَ بليل. وتجده يترضى عن عمر وهو يطعن فيه، وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لما طلب كتاباً ليملي عليهم؛ رفض عمر ذلك وقال يكفينا كتاب الله، لأمورٍ معينة، كما يزعم كريمة.

    كما أنَّه كان قد أحيل للتحقيق بسبب إنكاره لبعض الآيات في القرآن الكريم؛ والتي بين الله فيها كفر النصارى. كما أنَّه افترى على الأئمة العلماء الأعلام من أهل السنة والجماعة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، بل وسبه للإمام ابن باز رحمه الله مُوَثَّقٌ بالصوت والصورة.

    ونعوذ بالله من الضلال في القول والعمل مع كبر سنٍّ يدني العبد من آخرته؛ فمثل هذا تخاف عليه من خاتمة السوء والخذلان. عندما يخرج في إحدى القنوات التلفزيونية وهو يفتري على أهل السنة والجماعة بأنَّهم يقولون أنَّ لله ذيلاً عياذاً بالله. وتعالى الله عمَّا نسبه أحمد كريمة لأهل السنة والجماعة افتراءاً عليهم.

    وأنا أتحدى هذا المفتري؛ أن يأتي ولو بكلمة لأحد أئمة السلف أو علمائهم من المتقدمين أو المتأخرين قال بهذا القول.

الدَّعَاوَى إِنْ لَمْ تُقِيمُواْ عليْـ      ـهَا بَيِّنَاتٍ أَصْحَابُهَا أَدْعِيَاءُ(٨)

    فهو لا يزال دعِيّاً حتى يقيم الحجة على فريته هذه.

    ويتجارى به الهوى كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، فيسأل عن الفوائد (الربا)؛ هل يجوز إخراج الزكاة منه؟. فيجيب بأنَّ عوائد البنوك (حلالٌ حلالٌ حلالٌ). هكذا جزافاً دون تأصيل ولا تقعيد للمسألة، أي أنَّها (عنزةٌ وإن طارت). ثُمَّ أقحم السلفيين في الرد على السائل وقال أنَّهم لا دراسةَ فقهية عندهم.

    أمَّا إباحته للربا فهذا شأنه مع ربه، لكن ما دخل السلفيين في السؤال والإجابة على السائل؟!. متجاوزاً قول الله تبارك وتعالى: وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ(٩). ملتفاً حوله ليسميه كتسمية الفجَّار (فوائد) تسمية للشيء بغير اسمه، ومن ثمَّ مشابهته لقول بني إسرائيل عن الربا أنَّه حلالٌ وأنَّ البيع مثله مثل الربا: ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ(١٠). فقال إنَّما هي مضاربة، ليحتال على المسلمين بهذه الحيلة نسأل الله السلامة والعافية. وقد قال سفيان بن عيينة رحمه الله: [من فَسَدَ من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود، ومن فسد من عُبَّادِنا ففيه شبهٌ من النصارى](١١). وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّباً](١٢). فمن لي بأحمد كريمة يعلمه بهذا الحديث، ومن لي به يعلمه أنَّ الربا غير طيب بل ومحرَّم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [وإنَّه سيخرج من أمتي أقوامٌ تجارى بِهِم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، لا يبقى منه عرقٌ ولا مفصلٌ إلَّا دخله](١٣).

    إنَّ السلفيين الذين يتهمهم أحمد كريمة بعدم الدراسة الفقهية عندهم؛ على اختلاف مشاربهم ومدارسهم؛ لا يكاد يحاذي أصغر تلاميذهم في الفقه، سواءٌ من درس الفقه منهم كمذهب، أو من درس الفقه مقارناً، ناهيك عن أصوليِّيهم وكبار فقهائهم، وأذكر على سبيل المثال الإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين، والعلامة صالح اللحيدان، والعلامة صالح الأطرم، والعلامة محمد الأمين الشنقيطي، والعلامة عبد الرحمن السعدي، رحمهم الله جميعاً. ومن الأحياء منهم أذكر فضيلة شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله، وشيخنا سعد الشثري وفقه الله، والشيخ سعد الخثلان، وهيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، والبحوث الفقهية التي تصدر دائماً عنهم في النوازل والمستجدات الفقهية، والقائمة تطول ممن تزخر بهم بلاد الحرمين -حرسها الله- في كل فنٍّ من فنون العلم الشرعي.

    ولو نظر خصمهم بعين الإنصاف إلى مدارسهم وبحوثهم الفقهية لوجد أنهم على قسمين، قسمٌ يأخذ الفقه تمذهباً بالأدلة لا تقليداً، وقسم يأخذ الفقه مقارناً دراسة أكاديمية متخصصة متعمقة. والمتابع لمجالسهم العلمية خاصة في إذاعة القرآن الكريم يجد هذا جلياً للعيان. لكنه الهوى الذي يعمي ويُصم أمثال أحمد كريمة ومن على شاكلته عن الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار.

    ناهيك عن التخصصات العلمية في الجامعات وفي كليات الشريعة خاصة، كالجامعة الإسلامية وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك عبد العزيز بجدة وجامعة أم القرى وجامعة طيبة وجامعة الملك سعود، بالإضافة إلى معاهد الحرمين في مكة والمدينة. ناهيك عن المجالس العلمية في الحرمين الشريفين التي يؤمها المسلمون عامة وطلبة العلم خاصة من شتى أقطار المسلمين. أفلم يكن لأحمد كريمة عيانا منصفٍ ليتكلم بما يرى حين يحج أو يعتمر أو يزور.

    لكنه الحقد والغل على المسلمين وإطلاق لسانه في أعراضهم دون وازع ولا رادع، ظنّاً منه أنَّه نال منهم ومن مكانتهم، بينما يريد الله ليستدرجه من لسانه ليبيِّنَ للناس مدى هشاشة عقله وضحالة فكره، عقوبة من الله له على ولوغه في أعراض العلماء؛ وخاصة علماء السعودية، كسماحة الإمام ابن باز وسماحة الإمام ابن عثيمين أو غيرهم كالإمام الألباني، أو كالإمام الوادعي رحمهم الله جميعاً.

    ألا وليعلم أحمد كريمة هداه الله للحق ووفقه للتحلل ممن استباح أعراضهم وتقوَّلَ عليهم دون وجه حق؛ أنَّ المال والبترول والغاز وكل ثروة في الأرض لا تصنع عالماً، ولا تنشر فكراً مصلحاً أبداً، إنما هو توفيق من عند الله، ونورٌ يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [من يرد الله به خيراً يفقه في الدين](١٤). وأنَّ التعيير بثقافة البدو التي تحاول بها يائساً بائساً تعيير من ناظره ورد عليه؛ تقصُّداً لإحراجه؛ إنَّما هو فعل المفلسين في الحجة. فلا الجلبة ولا رفع الصوت يسكتُ حقاً؛ أو ينصر باطلاً. وأنَّ من ادعى التزامه الحجة النقلية؛ ثم يعمد إلى تركها واللجوء إلى الحجة العقلية منصباً لها حاكمة ومهيمنة على الحجة النقلية، فذاك الغبي وذاك المفلس وذاك هو صاحب الهوى. فما بالنا بمن لا يفقه الحجة النقلية، وهو مفلسٌ في الحجة العقلية، وخير شاهدٍ على هذا؛ مناظرة أحمد كريمة لذلك الزنديق الفاجر ياسر الخبيث.

    أحمد كريمة يريد أن يختبر السلفيين في القرآن الكريم، ويختص من القرآن في الاختبار (جزء عم)، وهو هو أحمد كريمة لا يتقن قراءة كتاب الله تبارك وتعالى كما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما تناقلته الأمة كابراً عن كابر بقراءاته السبع أو العشر، وكل ذلك موثَّقٌ بالصوت والصورة نسأل الله السلامة والعافية. ونقول له: أربع على ظلعك يا كريمة؛ فدون الاختبار المزعوم؛ أئمة الحرمين، دونك فاختبرهم.

    إنَّ أمثال هذا الجاهل من أبرز سماتهم أنَّهم معزومون دائماً على موائد القنوات المشبوهة التي تسعى لضرب ثوابت الإسلام وتحريف المسلمين عن حقيقة الدين، وإعطاء الذلة لغيرهم من أعداء الدين. وذلك في مقابل حفناتٍ من المال. أي أنَّهم أصحاب مهرةٍ يتكسبون منها. ولا يهمهم أكانوا يؤيدون باطلاً أم يعادون حقاً. بضاعتهم الكذب والتدليس، وتجارتهم تغريب المسلمين عن دينهم، بلسانِ منافق؛ وقلبِ حقودٍ. إذا كان في قنوات الصوفية كان صوفياً، وإذا كان في قنوات الروافض نطق بلسانهم، وإذا كان في قنوات النصارى نطق بلسانهم. فمثل هذا لا غرو أن تجده مُتَهَوِّكٌ في ذاته، منحرفٌ في مقاله، طعانٌ في أعراض الصحابة، سابٌ للعلماء الأفاضل، ممن لا يساوي مغرز شراكٍ في نعل أحدهم. كيف لا؛ وهو يهاجم أئمة الدنيا في زمانهم، وبعد وفاتهم. كالإمام الألباني، والإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين، والإمام الوادعي، رحمهم الله رحمة الأبرار، وأعلا منازلهم في الجنة.

    وأخيراً؛ فأسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا إنَّه رؤوف رحيم. وأن يطهر قلوبنا وألسننا من الكذب والغل والحقد على مسلم بدون حق. ونعوذ بالله من الضلال من بعد الهدى، ومن العمى بعد النور، ومن الحور بعد الكور، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن الجهل بعد العلم، ومن المنكر بعد المعروف. اللهم يا مصرف القلوب والأبصار اصرف قلوبنا إلى طاعتك. اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

    وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين.

كتبه فقير عفو ربه القدير

أبو حمود هادي محجب

ليلة الاثنين غرة ربيع الثاني لعام خمسة وأربعين وأربعمائة وألف للهجرة النبوية

على صاحبها أفضل الصلاة والسلام


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [الأحزاب: ٧٠-٧١].

(٤) [الأعراف:٥٠].

(٥) [المائدة:٧٢-٧٣].

(٦) أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة خيبر برقم (٤٢٠٣). ومسلم في الإيمان باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه برقم (١١١).

(٧) الحديث حسنٌ بمجموع طرقه. وانظر إلى تخريجه في إرواء الغليل (٣٤/٦) برقم (١٥٨٩).

(٨) لم أقف على نسبة البيت.

(٩) [البقرة:٢٧٥].

(١٠) الآية السابقة.

(١١) انظر تفسير ابن كثير [التوبة:٣٦].

(١٢) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن باب ومن سورة البقرة برقم (٢٩٨٩)، وقال حديثٌ حسنٌ غريب.

(١٣) أخرجه أبو داود في السنة باب شرح السنة، برقم (٤٥٩٧).

(١٤) أخرجه البخاري في العلم باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين، برقم (٧١). ومسلم في الزكاة باب النهي عن المسألة، برقم

         (١٠٣٧).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

0 التعليقات:

المقالات

   البلاغة العربية نشأتها وصلتها بعلوم الشريعة والعربية    همسة في صماخ الأستاذ علي حملي    إشباع النهم ببيان أقسام تعلق الكلم    الشيخ محمد أيوب رحمه الله سيرة وعطاء    التوحيد هو أعظم الأمور وأهمها    البيان والارتجال في الخطابة والوعظ والمقال    العلم الشرعي وأثره في حياة سلفنا الصالح    الأخوة الإيمانية عند حسام العدني    دولة فاحش والحرب على الإسلام بالوكالة وتفجيرات باريس


Flag Counter

التصفح المباشر

مواقع سلفية

   مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية