مكتبة أبي حمود العلمية

التشيع بوابة الإلحاد، ١- الشرك والإلحاد في ذات الربِّ جلَّ وعلا عند الشيعة الرافضة الاثني عشرية . . .


 بسم الله الرحمن الرحيم

    إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢(١)،يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١(٢)،يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١(٣)، أمَّا بعد:

    فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدَثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النَّار.

    كلُّ مسلمٍ يعلم أنَّ الله تبارك وتعالى قد بعثَ محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق إلى النَّاس كافة ليظهره على الدين كله. وقد بيَّنَ الدين صلى الله عليه وسلم من خلال سنته؛ التي تركنا عليها صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية، لا لبس فيها ولا خفاء ولا إبهام ولا غموض. ولا يلتبس الحق إلا على جاهل؛ لا يعلم إلا ما أراد سادته وكبراءه أن يعلمه من عندهم. فكان هؤلاء كأحبار اليهود ورهبان النصارى، لا يطلعون أتباعهم إلا على ما يوافق أهواءهم عياذاً بالله.

    فلقد كان كثيرٌ من أحبار اليهود يحرفون الكلم عن مواضعه، سواء كان تحريفاً حرفياً أو لفظياً أو تحريفاً للمعنى المراد من الله تبارك وتعالى وعلى ألسنة رسلهم.

    وعمائم الدين الصفوي الشيعي الرافضي الإمامي الاثني عشري المجوسي منذ سقوط دولة فارس المجوسية إلى يومنا هذا وهم مندسون بين المسلمين، بعباءة الدين وحب آل البيت رضي الله عنهم.

    يترصَّدون ضعف المسلمين في الآفاق، ويتحينون الفرص لنشر فسادهم وفساد معتقداتهم بين المسلمين، تارة بتأليه الأموات، وتارة بدعائهم، وتارة برفع من يسمونهم أئمة إلى منزلة الألوهية، بل ويجعلون لهم من الخصائص ما لا تكون إلَّا لله تبارك وتعالى. وتارة برفع منزلتهم فوق منزلة الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

    وتارة بالفسق والمعاصي، وتارة بحب آل البيت، وتارة بإثارة جهلاء المسلمين بنشر ما شجر بين الصحابة واللعب على هذا الأمر وتأليبهم على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أمهات المؤمنين زوجاته رضي الله عنهم أجمعين، وتكفيرهم وسبهم،   ومراد هؤلاء الزنادقة إسقاط الإسلام بإسقاط حملته العدول.

    وتارة بالخرافات والخزعبلات والكذب والدجل على الجهلاء. وتارة بالتلاعب بالقرآن الكريم الذي تعهد الله تبارك وتعالى بحفظه. فيهجمون على القرآن الكريم بإضافة ونقص وتحريف للألفاظ والمعنى.

    ولكن لما كان المجوس الكسرويون قد نشروا خفية التشيع ذا الخلفية المجوسية؛ وذا الأجندات الحسابية؛ الناقمة على المسلمين عامة، والعرب على وجه الخصوص، قاموا باستنساخ دين يخصهم، دين ظاهره الإسلام، وباطنه الكفر والإلحاد. دينٍ مسخٍ؛ دينٍ هجينٍ بين دهاليز نار المجوسية الكهنوتية؛ وبين أسماءٍ أخذوها من الإسلام تقية ونفاقا.

    فإبَّان انهيار دولة فارس المجوسية؛ حملوا على عاتقهم نشر الإلحاد والشرك في صفوف المسلمين، بابتداعهم لدين الشيعة السبئية على يد اليهودي المجرم عبد الله بن سبأ اليهودي. فوجد كهنة فارس المجوسيون ضالتهم في هذه الفرقة؛ حينما قام عليٌّ رضي الله عنه بنفي ابن سبأ ومن بقي معه إلى المدائن. ومن هنا انطلقت شرارة بلورة هذا الدين الإلحادي المجوسي، مرتكزين على فكرة تأليه عليٍّ ونسله من بعده تحت اسم (أئمة آل البيت)، زاعمين أنَّ الدين لا يكون إلا من خلالهم، وأنَّه لا يدخل أحدٌ الجنة إلَّا من كان من شيعتهم. كذلك تظاهروا بحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى صاروا فرقاً وطوائف شتى. فظهر الباطنيون وهم فرق متعددة، فمنهم الإسماعيلية، والرافضة السبئية الإمامية، والعبيديون، وملل ونحلٌ شتى.

    وترجح المصادر إلى أنَّ ظهور الإمامية كان في أوائل  القرن الرابع الهجري، مِـمَّـا يدُلُّ دلالة قاطعة على أنَّها ديانة مستحدثة على يد المجوس حثالات ما تبقى من الكسرويين وعبيدهم.

    إلى حين أن ظهر الصفويون -وهم طلائع الزحف الشيعي المجوسي في هذا العصر الحديث- على المسلمين في بلاد خراسان -وكانت أرض سنة وعلم- مع بدايات عام ١٥٠١م؛ وهذا التوقيت انبجس عنه ظهور الحقبة الإيرانية التي هيمنت على هذه الأراضي بعد مكوث الفتح الإسلامي بها سبعة قرون كلها على الإسلام والسنة. فأجبروا الناس هناك على التشيع قسراً، وبدأوا في نشر الغلو والشرك حينما لبسوا مسوح العلماء وظهروا على الناس ناشرين بينهم الغلو في آل البيت بحجة حبهم، وألفوا في ذلك الكتب المحشوة بالكفر بالله تبارك وتعالى، وتكذيب رسوله صلى الله عليه وسلم، وسب صحابته وتكفيرهم، وسب أمهات المؤمنين وتكفيرهم، ورفع أئمة آل البيت إلى منزلة الألوهية. حتى صار عوام الناس وجهلاؤهم كالدوابِّ التي يقودونها حيثما شاؤوا وكيفما شاؤوا. لا يسألون في دينهم عن دليل، ولا يناقشون، ولا يعرفون ولا ينكرون إلا ما تلقوه منهم، وما عدا ذلك فهو باطل، وهذه قاصمة الظهر التي أهلكت كثيراً من الخلق الذين تبعوهم على هذا الدين الباطل.

    فتسمى قادتهم بآية الله، والسيد، والحجة، والمرجع. ثم ما كان من آخر المناصب التي اخترعوها على يد الهالك الخميني؛ ولاية الفقيه - التي سنأتي عليها في حينها إن شاء الله-، القائم مقام الإمام الغائب عندهم، وما له من العصمة لدى عموم الشيعة. وهالوا عليهم الألقاب الموهمة بأنَّ بيد سادتهم وأئمتهم مفاتيح الجنة والنار، يدخلون في الجنة من والاهم، ويدخلون النَّار من عاداهم.

    وهذه سلسلة جمعتها حول دين الرافضة السبئية المجوسية الكسروية الإمامية الاثني عشرية. أسلط فيها الضوء على حقيقة هذا الدين المجوسي، المتلبس بالإسلام زوراً وبهتاناً وكذباً على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفاقاً للمسلمين، وهو ما يسمونه تقية. وسوف نبدأ باكورة هذه السلسلة إن شاء الله ببيان معالم الشرك بالله تبارك وتعالى عند الشيعة الرافضة الاثني عشرية، وبيان معالم الغلو المفضي بهم إلى الإشراك بالله تبارك وتعالى.

    فالله تبارك وتعالى قد بيَّنَ في القرآن الكريم خطورة الشرك ومظاهر الشرك، وبين أنَّه أعظم ذنب عُصِيَ به الله تبارك وتعالى. وأنَّه الذنب الذي لا يغفر الله لصاحبه إذا مات عليه، وبَيَّنَ مآل من مات على الشرك، وأنَّه خالدٌ مُخَلَّدٌ في النار عياذاً بالله. فقال تبارك وتعالى: إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا ٤٨(٤). وبَيَّنَ تبارك وتعالى أنَّ الإشراك بالله سَبَبٌ لحبوط العمل وسَبَبٌ للخسارة في الآخرة؛ فقال جلَّ من قائل: وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥(٥).

    وللترمذي وحسَّنَه عن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: [قال الله تعالى: يا ابن آدم؛ إنَّك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتَيتُكَ بقُرابِها مغفرة](٦).

    والمتتبع والمستقرئ لدين الرافضة الاثني عشرية؛ يجد عندهم من مظاهر الإشراك بالله تبارك وتعالى الشيء الكثير، وهذا ما يؤكد ما سطرناه مطلع هذه المقالة من أنَّ دينهم خليط بين عدة ديانات، وليس لهم فيه من الإسلام إلَّا أسماء الشعائر فقط. فيجد من معالم الشرك عندهم ما يلي:

    أولاً: قولهم بأنَّ الأئمة واسطة بينهم وبين الله تبارك وتعالى. وهذا لا شكَّ أنَّه غُلُوٌّ مُحرَّم؛ فإنَّ كلَّ غلو في الصالحين أو أيّاً كان؛ لا بد أنَّه سيُفضي بصاحبه إلى الإشراك بالله تبارك وتعالى، وقصة الخمسة الصالحين من قوم نوح خير شاهدٍ على هذا.

    والشيعة الرافضة الاثنا عشرية لمَّا غلو في عليٍّ رضي الله عنه ونسله من بعده؛ رفعوهم إلى منزلة الربوبية والألوهية، ونسبوا لهم الخلق والرزق والإحياء والإماتة، وصرفوا لهم من أفعال الربوبية ما تقشعر منه قلوب الصالحين عياذاً بالله.

    فإن كل من اتخذ الأئمة الاثني عشر واسطة ومراده بالواسطة أنَّه يدعوهم من دون الله ويتقرب بهم إلى الله، وأنَّه يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلَّا الله تبارك وتعالى؛ -وهذا حقيقة معتقد الرافضة الاثني عشرية- كان ذلك منه شركاً أكبر يُخرجه من الإسلام عياذاً بالله.

    والله تبارك وتعالى قد أكدَّ ضعف كل من يُدعى من دونه، ويُهتَفُ باسمه عند الشدائد؛ أيّاً كان هذا المدعو من دون الله تبارك وتعالى. سواء كان علياً رضي الله عنه أو الحسن أو الحسين رضي الله عنهما، أو العباس رضي الله عنه، أو زينب رضي الله عنها، أو أي مدعو غيرهم. فقال تبارك وتعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ١٩٤ أَلَهُمۡ أَرۡجُلٞ يَمۡشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَيۡدٖ يَبۡطِشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَعۡيُنٞ يُبۡصِرُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۗ قُلِ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ١٩٥(٧). وقال تبارك وتعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ ٧٣(٨).

    وكلُّ قارئ لكتاب الله تبارك وتعالى على الحق وعلى الفطرة الصحيحة يجد الله تبارك وتعالى قد حَرَّمَ على عباده المكلفين اتخاذ الواسطة بينهم وبين ربهم؛ في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وبَيَّنَ تبارك وتعالى أنَّ هذه هي حجة الكافرين في الجاهلية. فقال تبارك وتعالى: تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ١ إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ ٢ أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ ٣(٩).

    وانظر إلى قول المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) -والحق أنَّه بحار الظلمات- حينما قال: (فإنهم –أي الأئمة الاثني عشر– حجب الرب والوسائط بينه وبين الخلق)(١٠)ا.هـ

    ويقول: (باب أنَّ الناس لا يهتدون إلَّا بهم، وأنَّهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنَّه لا يدخل الجنة إلَّا من عرفهم)(١١)ا.هـ

    ثم سرد ثَمَّ من الروايات المكذوبة على أئمة آل البيت الشيء الكثير. منها قوله: أنَّ أبا عبد الله -يعني الحسين رضي الله عنه- قال: (نحن السبب بينكم وبين الله عز وجل)(١٢)ا.هـ

    وهذا والله هو الكذب على الله تبارك وتعالى وعلى عباده المتقين، والكذب على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فإذا كان المسلمون يعتقدون أنَّ بلاغ الرسالات كان بواسطة الرسل والأنبياء وأنَّ العبادة والدعاء لا يصح بواسطة بين المخلوق والخالق تبارك وتعالى، فإنَّ الشيعة الرافضة الإمامية الاثني عشرية السبئية الصفوية المجوسية يعتقدون أنَّ الأئمة عندهم هم المبلغون لشرع الله وهم الواسطة بينهم وبين الله وهم الباب إلى الجنة وهم من يتصرفون في الجنة والنار يوم القيامة.

    ثانياً: استغاثة الشيعة السبئية الرافضة الاثني عشرية بقبور أئمة آل البيت في الرخاء والشدة، واللجوء إليهم في طلب الحاجات من دون الله تبارك وتعالى، كطلب الرزق، وطلب الولد، وطلب الشفاء من المرض، وتفريج الكربات، ومناداتهم بقولهم (يا علي) أو (يا حسين) أو (يا عباس) أو (يا زهراء)، والاستعانة بهم؛ ونحو ذلك، واعتقادهم فيهم أنَّهم يجيبونهم، وهذا لا شك أنَّه من شرك الألوهية. لأنَّ الله تبارك وتعالى يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ١٨٦(١٣). ومن كان هذا حالهم؛ كان مشركوا العرب في الجاهلية خيراً منهم ولا شك. لأنَّ أولئك القوم كانوا يشركون في الرخاء، أمَّا عند الشدائد فإنَّهم كانوا يضرعون إلى الله تبارك وتعالى وحده ويتركون ما يعبدون من آلهة باطلة.

    والمصيبة تعظم عندما يتخلى الرافضي عن عقله ويسلمه للسادة عنده؛ ويصدقهم في التهوين من أمر الاشراك بالله تبارك وتعالى وصرف العبادة للموتى. فهذا المجلسي يقول عن الأئمة بأنَّهم: (الشفاء الأكبر والدواء الأعظم لمن استشفى بهم)(١٤)ا.هـ

    ثالثاً: اعتقادهم بأنَّ للأئمة عندهم حقَّ التشريع في الحلال والحرام، والأمر والنهي. وهذا مما أدخله الصفوية المجوس على الشيعة في دينهم. وهذا مظهر من مظاهر الغلو المفضي إلى الإشراك بالله تبارك وتعالى. وأنَّه لا يصح لأحدٍ أن يتعلم ما اشتملت عليه آيات الأحكام في القرآن الكريم من حلال وحرام إلَّا من خلال الأئمة عندهم. ولا أن يعرف حدود ما أمر الله به وما نهى عنه إلَّا من خلال الأئمة عندهم.

    ومن المعلوم بالضرورة عند المسلمين أنَّ التحليل والتحريم والأمر والنهي هو حقٌّ محضٌ لله تبارك وتعالى. وأنَّ من ادعى أنَّ لأحدٍ الحق في التحليل والتحريم أو الأمر والنهي فقد كفر كما كفر أهل الكتاب من اليهود والنصارى حين أطاعوا أحبارهم ورهبانهم واتخذوهم أنداداً من دون الله وعبدوهم بطاعتهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلَّ الله.

    والمعلوم من الدين بالضرورة أيضاً أنَّ الحلال ما أحله الله تبارك وتعالى، والحرام ما حرَّمَه الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته المطهرة.

    وانظر إلى غاية الكذب ومنتهاه على الله تبارك وتعالى؛ وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وعلى عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما؛ عند الكليني حين قال في كتابه أصول الكافي حين قال عن ربِّ العزة والجلال: (يا محمد إنَّ الله لم يزل متفرداً بوحدانيته، ثمَّ خلق محمداً وعلياً وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثُمَّ خلق جميع الأشياء، فأشهدهم -أي محمداً وعلياً وفاطمة- خلقها -أي خلق الأشياء- وأجرى طاعتهم عليها، وفوَّضَ أمورها إليهم، فهم يُحلَّون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون)(١٥)ا.هـ

    رابعاً: اعتقادهم بتصرف الأئمة في الكون، وتسيير الحوادث الكونية، وأنَّهم يملكون مقاليد السماوات والأرض قاطبة. فالرعد والبرق من تصرففهم عند الرافضة الإمامية. وهذا والله محض الكذب والدجل والافتراء. من ذلك ما قاله المجلسي: (عن سماعة بن مهران، قال كنت عند أبي عبد الله -يعني الحسين رضي الله عنه- فأرعدت السماء وأبرقت، فقال أبو عبد الله: أمَّا إنَّه ما كان من هذا الرعد والبرق فإنَّه من أمر صاحبكم، قلت: من صاحبنا؟!، قال: أمير المؤمنين)(١٦)ا.هـ

    خامساً: ادعاءهم أنَّ الله تبارك وتعالى يزور قبر الحسين -تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيرا- . يريدون بهذا حث الجهلاء على زيارة قبور الأئمة عندهم على وجه يشابه الحج والعمرة والزيارة عند المسلمين. وخاصة قبر الحسين رضي الله عنه. بل والمكوث والمرابطة عند قبره وطلب الفيوضات والمدد، لتروج تجارتهم عن طريق القرابين التي يقدمها كل زائر، فهي عندهم ديانة وتجارة. وذاك البحراني نقل في كتابه معاجز المدينة قوله: (قال أبو عبد الله -يعني جعفر الصادق- لرجل: هل لك في قبر الحسين، قلت: أتزوره جُعِلتُ فداك؟، قال: وكيف لا أزوره؟؛ والله يزوره في كلِّ ليلة جمعة، يهبط مع الملائكة والأنبياء والأوصياء)(١٧)ا.هـ

    وغير هذا مما لم نذكر كثير؛ وإنَّما هذه إشارات فقط، ومن حرص على الهدى من هؤلاء القوم بحث عن الحق وقبله ورجع إلى الدين الصحيح والحق المبين من كتاب الله تبارك وتعالى وصحيح سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

    تتواصل معنا السلسلة في الحلقات القدمة إن شاء الله تبارك وتعالى. نكتفي بهذا القدر؛ وصلى الله وسلَّمَ وبارك على نبينا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه فقير عفو ربه

أبو حمود هادي بن قادري بن حسين محجب

الجمعة ٢٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٤هـ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) [آل عمران:١٠٢].

(٢) [النساء:١].

(٣) [الأحزاب:٧٠-٧١].

(٤) [النساء:٤٨].

(٥) [الزمر:٦٥].

(٦) أخرجه الترمذي في الدعوات بابٌ في فضل التوبة والاستغفار وما ذُكِرَ من رحمة الله لعباده، (٥/٥٤٨) برقم (٣٥٤٠)، وقال هذا حديث غريبٌ لا نعرفه

      إلَّا من هذا الوجه.

(٧) [الأعراف:١٩٤-١٩٥].

(٨) [الحج:٧٣].

(٩) [الزمر:١-٣].

(١٠) بحار الأنوار للمجلسي ج٢٣ ص٩٧ ط دار إحياء التراث العربي.

(١١) المصدر السابق ج٢٣ ص٩٩.

(١٢) المصدر السابق ج٢٣ ص١٠١ ط دار إحياء التراث العربي.

(١٣) [البقرة:١٨٦].

(١٤) بحار الأنوار ج٣٣ ص٩٤.

(١٥) الأصول من الكافي للكليني ج١ ص٤٤١ الناشر مكتبة الصدوق.

(١٦) بحار النوار للمجلسي ج٢٧ ص٣٣.

(١٧) معاجز المدينة ج٤ ص٢٠٨.

روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

0 التعليقات:

المقالات

   البلاغة العربية نشأتها وصلتها بعلوم الشريعة والعربية    همسة في صماخ الأستاذ علي حملي    إشباع النهم ببيان أقسام تعلق الكلم    الشيخ محمد أيوب رحمه الله سيرة وعطاء    التوحيد هو أعظم الأمور وأهمها    البيان والارتجال في الخطابة والوعظ والمقال    العلم الشرعي وأثره في حياة سلفنا الصالح    الأخوة الإيمانية عند حسام العدني    دولة فاحش والحرب على الإسلام بالوكالة وتفجيرات باريس


Flag Counter

التصفح المباشر

مواقع سلفية

   مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية