الدرس الأول - أحاديث لا أساس لها من الصحة
أحاديث لا أساس لها من الصحة
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فكثيراً ما نسمع أثناء شهر رمضان أحاديث تتردد على كثيرٍ من ألسنة الناس ؛ ولا يدرون هل هي ممَّا صحَّ عن رسول الله أم لا ؟ أم هل هي ممَّا كُذِبَ عليه r ، وبين أيدينا جملة من الأحاديث التي تشيعُ في رمضان من هذا القبيل . وهي كالتالي :
1. ( صوموا تصحوا ) .
في سنده زهير بن محمد الخراساني وهو ضعيف في رواية الشاميين عنه .
قال العُقَيْلِيُّ في الضعفاء :
حدثني أحمد ، قال سمعتُ البخاريَّ قال : زهير بن محمد روى أهلُ الشام عنه أحاديث مناكير .
وقال أيضاً :
حدثنا محمد بن أحمد ، قال حدثنا معاوية بن صالحٍ ، قال سمعت يحيى قال : زهير بن محمد خراسانيٌّ ضعيف .
ثم ساق هذا الحديث من طريق أبي هريرة يرفعه t إلى النبي r . ثم قال : ( لا يُتابع عليه إلاَّ من وجهٍ فيه لين )(1) .
وقد رواه ابن عديٍّ(2) من طريق نهشلٍ عن الضحَّاك عن ابن عبَّاسٍ ، ونهشَلٌ متروك ، وفي السند انقطاع حيثُ أنَّ الضحَّاك لم يسمع من ابن عبَّاس .
وعند العراقي في تخريج أحاديث الإحياء قال :
( رواه الطبراني في الأوسط وأبو نُعَيْمٍ في الطب النبوي من حديث أبي هريرة بسند ضعيف )(3) .
قال الألباني رحمه الله :
( ولعل الصغاني قد بالغ حين قال : وهذا الحديث موضوع )(4) .
قلتُ - والقول لأبي حمود عفا الله عنه - : وقد تبعه على القول بالوضع ؛ الفتني والشوكاني .
2. ( أول شهر رمضان رحمة ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار ) :
وهذا الحديث قال عنه الإمام العقيلي في الضعفاء الكبير: لا أصل له، وقال عنه الإمام الألباني في صحيح الجامع : حديث ضعيف جداً ، وقال عنه في السلسلة الضعيفة: حديث منكر .
قال : [ إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار ، فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة ] (رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني ) ، إلاَّ أنَّنِي أقول أن شهر رمضان ليس أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ، بل كله رحمة وكله مغفرة وكله عتق من النار ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله .
3. ( كانَ رسولُ اللَّهِ r إذا دخَلَ رجبٌ قالَ : اللهم بارك لنا في رجب ، وشعبان ، وبلغنا رمضان ) :
وهذا الحديث قال عنه الإمام ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف وقال عنه الإمام النووي في الأذكار : إسناده فيه ضعف ، وقال عنه الإمام الألباني في ضعيف الترغيب : حديث ضعيف .
وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذا الحديث من حيث المعنى صحيح وطيب أن يدعو به الإنسان المسلم، ولكن لا ينسبه إلى النبي r .
وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذا الحديث من حيث المعنى صحيح وطيب أن يدعو به الإنسان المسلم، ولكن لا ينسبه إلى النبي r .
وإن دعاء المسلم ربه أن يبلغه رمضان فهو دعاء طيب لا بأس به ، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتاب لطائف المعارف : ( قال معلى بن الفضل : كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم ) . وقال يحيى بن أبي كثير : ( كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلم لي رمضان وتسلمه مني ، متقبلاً ) .
4. ( كَانَ النَّبِيُّ r إِذَا أَفْطَر ، قَالَ : بِسْمِ اللهِ اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْت ) : وهذا الحديث قال عنه الإمام الشوكاني في نيل الأوطار والحافظ ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير : ( إسناده ضعيف ) ، وقال عنه الألباني في إرواء الغليل : حديث ضعيف .
ملاحظة : يضيف البعض للدعاء السابق عبارة ( وبك آمنت وعليك توكلت ) : وهذه الزيادة لا أصل لها .
قال علي القاري في مرقاة المفاتيح : ( فزيادة ( وبك آمنتُ ) لا أصلَ لها ، وإن كان معناها صحيحاً ، وكذا زيادة ( وعليك توكلتُ ولصوم غدٍ نَوَيْتُ ) بل النية باللسان من البدعة الحسنة )(5) .
قلت - والقول لأبي حمود عفا الله عنه - ليس في الإسلام بدعة حسنة ، فكل البدع المحدثة في الدين سيئة لقوله كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين : [ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ ] ، اللهم إلاَّ ما كان من قبيل البدعة اللغوية ، أو ما كان في الأمور الدنيوية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت - والقول لأبي حمود عفا الله عنه - ليس في الإسلام بدعة حسنة ، فكل البدع المحدثة في الدين سيئة لقوله كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين : [ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ ] ، اللهم إلاَّ ما كان من قبيل البدعة اللغوية ، أو ما كان في الأمور الدنيوية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الضعفاء الكبير للعُقَيْلِيِّ ( 2 / 92 ) .
(2) الكامل لابن عديٍّ ( 7 / 2521 ) .
(3) تخريج أحاديث الإحياء للعراقي ( 6 / 1606 ) ح ( 2497 ) .















0 التعليقات: