الدرس الأول
الفصل
الأول : نسبه الشريف وقبيلته وأسرته صلى الله عليه وسلم
نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم :
هو أكرم خلق الله
وأفضل رسله ، وخاتَم أنبيائه مُحمد بن عبد الله ( الذبيح ) بن عبد المطلب ( شيبة
الحمد ) بن هاشم بن عبد منافٍ بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر
بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن
عدنان . وعدنان من ذرية إسْماعيل ( الذبيح ) بن
إبراهيم -
عليهما
الصلاة السلام - بالاتفاق ، فهو صلى الله عليه وسلم ابن الذبيحين .
أمَّا أمُّه فهي الزهرية آمنة بنت وهب بن عبد
مناف بن زهرة بن كلاب . وكلاب هو الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه ، فأبوه وأمه من أصل واحد ، يَجتمعان في كلاب ، واسْمه حكيم . وقيل عروة ، لكنه كان كثير الصيد بالكلاب فعرف بِها .
قبيلته صلى الله عليه وسلم :
وقبيلته هي قبيلة قريش المشهود لَها بالشرف,
ورفعة الشأن, والمجد الأصيل ، وقداسة
المكان بين سائر العرب . وهو لقب فهر بن مالك أو النضر بن كنانة .
وكل من رجالات هذه القبيلة كانوا سادات
وأشرافاً في زمانِهم ، وقد امتاز منهم قصي – واسْمه زيد – بعدة ميزات ، فهو أول من
تولى الكعبة من قريش ، فكانت إليه حجابتها وسدانتها ، أي كان بيده مفتاح الكعبة
يفتحها لِمن شاء ومتى شاء ، وهو الذي أنزل قريشاً ببطن مكة ، وأسكنهم في داخلها ، وكانوا قبل ذلك في ضواحيها وأطرافها ، متفرقين بين قبائل أخرى ، وهو الذي أنشأ
السقاية والرفادة ، وقد بنى بيتاً بشمالي الكعبة ، عرف بدار الندوة . وهي دار شورى
قريش ، ومركز تَحركاتِهم الاجتماعية ، فكان لا يُعقد نكاح ، ولا يَتِمُّ أمر إلاَّ في
هذه الدار ، وكان بيده اللواء والقيادة ، فلا تُعقد راية حرب إلاَّ بيده ، وكان كريِماً
وافر العقل ، صاحب كلمة نافذة
في قومه .
أسرته صلى الله عليه وسلم :
أمَّا أسرته صلى الله عليه وسلم فتعرف بالأسرة الهاشِمية ، نسبة إلى جده الثاني هاشم ، وقد ورث هاشم
من مناصب قصي : السقاية والرفادة ، ثُمَّ ورثها أخوه المطلب ، ثُمَّ أولاد هاشم إلى
أن جاء الإسلام وهم على ذلك ، وكان هاشم أعظم أهل زمانه ، كان يهشم الخبز ، أي يفتته
في اللحم ، فيجعله ثريداً ، ثُمَّ يتركه ليأكله الناس ، فلقب بِهاشم ، واسْمه عمرو . وهو
الذي سنَّ الرحلتين : رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، وكان
يعرف بسيد البطحاء .
ومن حديثه : أنَّه مرَّ بيثرب ، وهو في طريق تِجارته
إلى الشام ، فتزوج سلمى بنت عمرو من بني عدي بن النجَّار ، وأقام عندها فترة ، ثُمَّ
مضى إلى الشام وهي حامل ، فمات بغزة من أرض فلسطين ، وولدت سلمى ابناً بالمدينة سَمته :
شيبة ، لشيب في رأسه ، ونشأ هذا الطفل بين أخواله في المدينة ولَم يعلم به أعمامه بِمكة
حتى بلغ نَحو سبع سنين أو ثَماني سنين ، ثُمَّ علم به عمه المطلب ، فذهب به إلى مكة ، فلمَّا رآه الناس
ظنُّوه عبده فقالوا : عبد المطلب ، فاشتهر بذلك .
نشأ عبد المطلب سيداً في قومه وشريفاً وكان
عبد المطلب أوسم الناس ، وأجَملهم ، وأعظمهم قدراً ، وقد شرف في زمانه شرفاً لَم
يبلغه أحدٌ ، كان سيد قريش وصاحب عير مكة ، شريفاً مطاعاً جواداً يسمى بالفيَّاض
لسخائه ، كان يرفع من مائدته
للمساكين والوحوش والطير .
أمَّا ولده عبد الله فكان أحسن أولاد عبد
المطلب ، وأعفهم ، وأحبهم إليه ، وهو الذبيح ، وذلك أنَّ عبد المطلب لَمَّا حفر بئر
زمزم ، وبدت آثارها نازعته قريشٌ ، فنذر لئن آتاه الله عشرة أبناء ، وبلغوا أن يَمنعوه ، ليذبَحنَّ أحدهم . فلمَّا تَمَّ له ذلك أقرع بين أولاده ، فوقعت القرعة على عبد
الله ، فذهب إلى الكعبة ليذبَحه ، فمنعته قريشٌ ، ولا سيما إخوانه وأخواله ، ففداه بِمائة
من الإبل ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ابن الذبيحين : إسْماعيل
عليه الصلاة والسلام ، وعبد الله ، وابن المفديين ؛ ففُديَ إسْماعيل عليه الصلاة
والسلام بكبش ، وفُديَ عبد الله بِمائة من الإبل .
واختار عبد المطلب لابنه عبد الله آمنة بنت
وهب ، وكانت أفضل نساء قريش شرفاً وموضعاً ، وكان أبوها وهب سيد بني زهرة نسباً
وشرفاً . وقد ذكر ابن كثير رحِمه الله عن ابن عبَّاس قال : لَمَّا انطلق عبد المطلب
بابنه عبد الله ليزوجه مرَّ به على كاهنة من أهل تبالة متهوِّدة قد قرأت الكتب ، يقال
لَها فاطمة بنت مر الخثعمية ، فرأت نور النبوة في وجه عبد الله ، فقالت : يا فتى ؛ هل
لك أن تقع عليَّ الآن وأعطيك مائة
من الإبل ؟ فقال لَها عبد الله :
أَمَّا
ﭐلْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهُ وَﭐلْحِلُّ
لاَ حِلٌّ فَأسْتَبِينَهُ
فَكَيْفَ
بِالأَمْرِ ﭐلَّذِي تَبْغِينَهُ يَحْمِي
ﭐلْكَريِمُ عِرْضَهُ وَدِينَهُ
ثُمَّ مضى مع أبيه فتمَّت الخطبة والزواج ، وبنى بِها عبد الله بِمكة فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبعد فترة أرسله عبد المطلب إلى المدينة -
أو
الشام في تِجارة - فتوفي بالمدينة راجعاً
من الشام ودفن في دار النابغة الذبياني ، وذلك قبل ولادته صلى الله عليه وسلم على الأصح .













0 التعليقات: