عطف النسق . . .
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد ذكر ابن هشام - رحمه الله - في شرح قطر الندى وبلّ الصدى ؛ أنَّ السيرافي قال : ( أجمع النحويون من البصريين والكوفيين على أنَّ الواو للجمع من غير ترتيب ) ا.هـ
علق ابن هشام - رحمه الله - بقوله : ( وأقول : إذا قيل : " جاء زيدٌ وعمرٌو " فمعناه أنهما اشتركا في المجيء ، ثم يحتمل الكلام على ثلاثة معانٍ ؛ أحدهما : أن يكونا جاءا معاً ، والثاني : أن يكون مجيئهما على الترتيب ، والثالث : أن يكون على عكس الترتيب ؛ فإن فهم أحد الأمور بخصوصه فمن دليل آخر ، كما فهمت المعية في نحو قوله تعالى : { وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ }(1) ، وكما فهم الترتيب في قوله تعالى : {إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا (1) وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ
أَثۡقَالَهَا (2) وَقَالَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَا لَهَا (3)}(2) ، وكما فهم عكس الترتيب في قوله تعالى إخباراً عن منكري البعث : {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا}(3) ، ولو كانت للترتيب لكان اعترافاً بالحياة بعد الموت .
قلت - والقول لأبي حمود عفا الله عنه - : وهذا القول أصح الأقوال عندي فيما اطلعت عليه ، ويعضده قول ابن جرير رحمه الله : ( وقد يحتمل وجها آخر ، وهو أن يكون معناه : نحيا ونموت على وجه تقديم الحياة قبل الممات ، كما يقال : قمت وقعدت ، بمعنى : قعدت وقمت ؛ والعرب تفعل ذلك في الواو خاصة إذا أرادوا الخبر عن شيئين أنهما كانا أو يكونان ، ولم تقصد الخبر عن كون أحدهما قبل الآخر ، تقدم المتأخر حدوثا على المتقدم حدوثه منهما أحيانا ، فهذا من ذلك ؛ لأنه لم يقصد فيه إلى الخبر عن كون الحياة قبل الممات ، فقدم ذكر الممات قبل ذكر الحياة ، إذ كان القصد إلى الخبر عن أنهم يكونون مرة أحياء وأخرى أمواتاً )(4) ا.هـ ، والله أعلم .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه / أبو حمود هادي محجب
22 / 10 / 1436هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [ البقرة : 127 ] .
(2) [ الزلزلة : 1 - 3 ] .
(3) [ الجاثية : 24 ] .
(4) تفسير الطبري ، طبعة دار المعارف ، تفسير سورة الجاثية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
| روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
| URL | |
| HTML | |
| BBCode | |














0 التعليقات: