من هنَّ العرايا . . .
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن الملاحظ في زمننا هذا شيوع الربا في البيوع بشتى صوره وأنواعه . بيد أنه من المهم جداً للعبد المسلم أن يعرف أنَّ هناك صوراً من صور الربا في البيوع قد استثنيت للحاجة ؛ ومنها العرايا .
فما هي العريا ؟!
العرايا جمع عَرِيَّة وهي النخلة ذات الرطب .
رخص النبي r في بيع الرطب على رؤوس النخل بتمر كيلاً من أجل أن يأخذ المشتري رطباً ، لأنَّ الرطب محبوب عند الناس ليتفكهوا به ، لحديث زيد بن ثابت t في الصحيحين وغيرهما : [ أنَّ رسول اللهr رَخَّصَ لصاحب العَرِيَّةِ ، أن يبيعها بخرصها ](1) . وعند مسلم : [ بِخَرْصِها تمراً ، يأكلونها رطباً ](2) .
صفة العرايا :
وصفة العرايا أن يأتي الخارص - وهو رجلٌ خبير بتقدير ما على النخلة من رطب - ويقدر ما على النخلة بالصاع ، ثم يدفع المشتري قيمته تمراً في الحال ، ويبقى الرطب على رؤوس النخل يأخذه صاحبه بالتدريج يوماً بعد يوم .
ما هو شرط هذا البيع ومقداره ؟
يشترط في إنفاذ بيع العرايا أن يكون خمسة أوسق فأقل ، لحديث أبي هريرة t المتفق عليه ، [ أن النبي r رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق ](3) .
قال ابن الأثير : [ الوسق بالفتح : ستون صاعاً ، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز ، وأربعمائة وثمانون رطلاً عند أهل العراق ، على اختلافهم في مقدار الصاع والمد ](4) .
والأصل في بيع الأنواع والأجناس في الثمار أنَّ ما اتفق جنساً وعلة كالتمر بالتمر لا يجوز فيه إلَّا التساوي والتقابض . لكن يستثنى من هذا مسألة العَرِيَّة ، وهي كما أوضحتها سلفاً أن يشتري الرطب على رؤوس النخل رطباً يشتريه الإنسان بخرصه تمراً يابساً مجففاً في الحال إلى صاحب النخلة ثم يأخذ الرطب بالتدريج في خمسة أوسق فما دون .
هذا والله أعلم ؛ وأسأل الله أن يبصرنا بالفقه في دينه ، وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه / أبو حمود هادي محجب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في البيوع ، باب بيع المزابنة ، وبيع الزبيب بالكرم ، وبيع العرايا ، برقم ( 2188 ) . ومسلم في البيوع ، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ، برقم ( 1539 ) .
(2) أخرجه مسلم في البيوع ، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ، برقم ( 1539 ) ( 61 ) .
(3) أخرجه البخاري في البيوع ، باب بيع الثمر على رؤوس النخل ، برقم ( 2190 ) . ومسلم في البيوع ، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ، برقم ( 1541 ) .
(4) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
| روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
| URL | |
| HTML | |
| BBCode | |














0 التعليقات: