مكتبة أبي حمود العلمية

أصول الفقه دراسة تحليلية - الجزء الأول . . .



بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أمَّا بعد :
فهذه دراسة تحليلية في علم أصول الفقه جعلتها على أجزاء ؛ نستعرض فيها تعريفه ، وموضوعه ، وتاريخ نشأته ، وعلاقته بعلوم الشريعة الإسلامية ، وأهمَّ مدارسه العلمية ، وأبرز أئمته ، وأبرز ما صُنِّفَ في هذا العلم . فأسأل الله تبارك وتعالى التوفيق والإعانة والسداد .

    وأقول مستعيناً بالله تبارك وتعالى ، الجزء الأول من هذه الدراسة :


    هذه مقدمة في علم أصول الفقه ، وتشمل على ما يلي :

    أولاً : ما يُمَيِّزُ أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم
    تميزت أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم بعلم أصول الفقه ؛ والذي من خلاله استطاع المسلمون ضبط مناهج الاجنهاد والاستنباط ومعرفة الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية . وكذلك علم مصطلح الحديث الذي من خلاله استطاع المسلمون معرفة حالة الدليل من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ من حيث الصحة والضعف والوضع .




    ثانياً : التعريف بعلم أصول الفقه[١] :
    وللأصوليين مسلكان في تعريف أصول الفقه :

    الأول : باعتبار مفرديه ، بمعنى أنَّهم يُعَرِّفونَ كلَّ لفظة من ألفاظ التركيب على حِدَة ، فقالوا : الأصول جمع أصل : وهو ما يُبنى عليه غيره . والفقه : لغة بمعنى الفهم ، واصطلاحاً : العلم بجملة غالبة من الأحكام الشرعية المُكتَسَبِ من الأدلة التفصيلية الجزئية عن طريق النظر والاستدلال ، والله أعلم .
    فخرج بقولنا ( العلم ) : الجهل ، فالجاهل ليس بفقيه . ويخرج بقولنا ( جملة غالبة ) : مسألة استحضار جميع الأحكام الشرعية في فقيه واحدٍ ، وهذا متعذرٌ حصوله في شخصٍ واحدٍ[٢] .
    والأحكام الشرعية هي خطاب الله تبارك وتعالى المتعلِّقِ بأفعال المكلفين المكتسب من أدلته التفصيلية .
    ويخرج بقولنا الأحكام الشرعية :
    ١. الأحكام العقلية : كالعلم بأنَّ أكل السُّمِّ يُميت .
    ٢. الأحكام العادية : كالعلم بأنَّ نزول المطر بعد الرعد والبرق .
    ٣. الأحكام الحسية : كالعلم بأنَّ النارَ محرقة .
    ٤. الأحكام العرفية : كالعلم بأنَّ أضواء السيارات تستعمل ليلاً .

    والثاني : على هذين التعريفين للأصول والفقه ، استخلص الأصوليون تعريفاً جامعاً لهذا الفن فقالوا : هي طرقه على سبيل الإجمال ؛ كأن يعلم بإفادة الأمر للوجوب مطلقاً ، والنهي للتحريم كذلك ، وأنَّ فعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة ، وأنَّ الإجماع على أنَّ لبنت الابن السدس مع البنت عند عدم المعصب لهما استكمالاً للثلثين[٣] ، وقياس الأرز على البر في تحريم بيع بعضه ببعض عند التفاضل والتأجيل ؛ إلاَّ مثلاً بمثل يداً بيد[٤] .





    وموضوع علم أصول الفقه هو الكلام على الأدلة الشرعية على وجه الإجْمال لا التفصيل ، وكيفية الإفادة من هذه الأدلة وحال المستفيدين منها[٥] .



    أمَّا ثَمرة هذا العلم فهي قدرةُ المختص على استخلاص الأحكام الشرعية واستنباطُهَا من أدلة الوحيين الشرعية . فالذي يتقن ويضبط هذا العلم لا شكَّ أنَّه قادرٌ بإذن الله تبارك وتعالى على التعامل مع النصوص الشرعية في استنباط الأحكام الشرعية منها .

    






        وهذا العلم في نسبته علم مستقِلٌّ من جهة ، وإن كان لبعض مسائله من تداخل مع علومٍ أخرى .


    

    
    وفضله كفضل غيره من العلوم الدينية التي جاء الحث على تعلُّمِها وتعليمها في كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، لكونه كما هو معلوم بأنَّ الوسائل لَها أحكام المقاصد .

    


    أمَّا واضعه كما هو معروف لدى طلاب العلم أنَّه الإمام الجليل والعلم الدليل والحافظ الحجة الفقيه مُحمد بن إدريس الشافعي - رحِمه الله تعالى رحْمة واسعة - ، حيث كان أول الواضعين لأصول هذا العلم في كتابه ( الرسالة ) التي هي باكورة التصانيف في هذا العلم ؛ والتي تَحتوي على كثير من مباحث علم الحديث كذلك . والإجْماع على هذا قد حكاه بعضهم على أنَّ أول من صنَّف في هذا العلم هو الشافعي رحِمه الله .





    واسم هذا العلم هو علم « أصول الفقه » ، وعن سبب التسمية له بِهذا الاسم سيأتي بيانه معنا إن شاء الله تبارك وتعالى .




كتبه
أبو حمود هادي محجب
٢٧ / ١٠ / ١٤٣٨هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[١] مستخلصٌ من كتاب إتمام الأمالي على شرح الورقات للباحث عفا الله عنه .
[٢] انظر الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ( ١ / ٢٢ ) ط دار الكتاب العربي .
[٣] انظر المغني ( ٦ / ٢٧٣ ) .
[٤] أخرجه مسلم في المساقاة باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً برقم ( ١٥٨٧) .
[٥] مقدمة إتمام الأمالي على شرح الورقات للباحث عفا الله عنه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

0 التعليقات:

المقالات

   البلاغة العربية نشأتها وصلتها بعلوم الشريعة والعربية    همسة في صماخ الأستاذ علي حملي    إشباع النهم ببيان أقسام تعلق الكلم    الشيخ محمد أيوب رحمه الله سيرة وعطاء    التوحيد هو أعظم الأمور وأهمها    البيان والارتجال في الخطابة والوعظ والمقال    العلم الشرعي وأثره في حياة سلفنا الصالح    الأخوة الإيمانية عند حسام العدني    دولة فاحش والحرب على الإسلام بالوكالة وتفجيرات باريس


Flag Counter

التصفح المباشر

مواقع سلفية

   مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية    مكتبة أبي حمود العلمية